للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصفات، بخلاف المعتزلة الذين ينفون جميع الصفات، فهم بذلك جهمية محضة. لذا كان كل معتزلي جهميًا، وليس كل جهمي معتزليًا (١).

ومما سبق يعرف أن الفرقة الواحدة تكون بدعتها في باب دون باب، وقد يطلق عليها أكثر من لقب باعتبار البدعة التي وقعت فيها، فيقال: المرجئة القدرية، أو القدرية المعتزلة، وقد تسمى الجبرية قدرية لغلوهم في إثبات القدر

ولابد من دراسة عامة لهذه الفرق، والوقوف على وسطية أهل السنة والجماعة في هذا، وسيأتي في الكتاب بيان وتفصيل لهذه الأمور، بإذن الله.

الأمر الرابع: لأهل السنة والجماعة إطلاقان: إطلاق عام، وإطلاق خاص، أما الإطلاق العام فهو مقابل الشيعة، فيدخل فيه جميع الطوائف إلا الرافضة. وأما الإطلاق الخاص فهو مقابل المبتدعة، وأهل الأهواء، فلا يدخل فيه سوى أهل الحديث والسنة المحضة الذين يثبتون الصفات لله تعالى، ويقولون: إن القرآن غير مخلوق، وأن الله يُرى في الآخرة، وغير ذلك من الأصول المعروفة عند أهل السنة، وهم مرادي في هذا الكتاب عند إطلاقي لأهل السنة والجماعة، وسموا بأهل السنة لتمسكهم بها، وبالجماعة لأنهم اجتمعوا على الحق وأخذوا به (٢).

ولما كان الخلاف بين متكلمي الأصول في غالبه بين الأشاعرة والمعتزلة، حسن التعريف بهما هنا، على سبيل الإجمال:

فالمعتزلة: سموا بذلك لاعتزالهم أقوال المسلمين في مرتكب الكبيرة، حيث قالوا: إنه في منزلة بين المنزلتين، فلا هو مؤمن ولا هو كافر، وقيل غير ذلك،


(١) انظر: منهاج السنة لابن تيمية (١/ ٣٤٤).
(٢) انظر: منهاج السنة (٢/ ٢٢١)، ومجموع الفتاوى (٤/ ١٥٥)، ومقدمة كتاب معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة للجيزاني (١٧).

<<  <   >  >>