للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّعَمِ هُوَ مِنْ أَفْعَالِ المُشْرِكِينَ، وَقَدْ سُمِّيَ كُفْرًا كَمَا سَبَقَ فِي بَابِ (مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بالأَنْوَاءِ)، والقَاعِدَةُ المَشْهُورَةُ فِي التَّفْسِيرِ تَقُولُ: (العِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ).

- مَنْ أَضَافَ نِعْمَةَ الخَالِقِ إِلَى غَيرِهِ؛ فَقَدْ جَعَلَ مَعَهُ شَرِيكًا فِي الرُّبُوبِيَّةِ وَالأُلُوهِيَّةِ:

١ - فَإِضَافَتُهَا إِلَى السَّبَبِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ؛ هَذَا إِخْلَالٌ بِتَوحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ.

٢ - تَرْكُ القِيَامِ بِالشُّكْرِ -الَّذِي هُوَ العِبَادَةُ- هُوَ إِخْلَالٌ بِتَوحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ.

- قَولُهُ: (هَذَا مَالِي وَرِثْتُهُ عَنْ آبَائِي)، وقَولُهُ: (يَقُولُونَ: لَولَا فُلَانٌ لَمْ يَكُنْ كَذَا)؛ ظَاهِرُ هَذِهِ الكَلِمَةِ أَنَّهُ لَا شَيءَ فِيهَا، وَلِكْن لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ النِّسْبَةُ فِي مَعْرِضِ الكَلَامِ عَنِ المُنْعِمِ كَانَ ذَلِكَ مِنَ المَحْذُورِ، أَمَّا لَو كَانَ ذَلِكَ فِي سِيَاقِ بَيَانِ السَّبَبِ -دُونَ الغَفْلَةِ عَنِ اللهِ تَعَالَى- لَكَانَ جَائِزًا، لِأَنَّه خَبَرٌ مَحْضٌ.

وَدَلَّتْ لِذَلِكَ بَعْضُ نُصُوصِ السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ مِثْلُ قَولِهِ عَنْ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ: ((وَلَولَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)) (١)، فَتَبَيَّنَ أَنَّ هُنَاكَ فَرْقًا بَينَ إِضَافَةِ النِّعْمَةِ إِلَى الإِنْسَانِ عَلَى سَبِيلِ الخَبَرِ، وَبَينَ إِضَافَتِهِ إِلَى سَبَبِهِ مُتَنَاسِيًا المُسَبِّبَ وَهُوَ اللهُ ﷿ لَاسِيَّمَا مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ ذِكْرِ النِّعْمَةِ.

- وَأَمَّا قَولُهُم: (هَذَا بِشَفَاعَةِ آلِهَتِنَا) فَفِيهِ الشِّرْكُ الأَكْبَرُ؛ مُضَافٌ إِلِيهِ كُفْرُ النِّعْمَةِ.


(١) البُخَاريُّ (٣٨٨٣) عَنِ العَبَّاسِ مَرْفُوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>