أ- إِنْزَالٍ مُطْلَقٌ، كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ [الحَدِيد: ٢٥] فَأَطْلَقَ الإِنْزَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَبْدأَهُ، وَكَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ [الزُّمَر: ٦].ب- الإِنْزَالِ مِنَ السَّمَاءِ، كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفُرْقَان: ٤٨].ج- إِنْزَالٍ مِنْهُ سُبْحَانَهُ، كَقَولِهِ: ﴿تَنْزِيلُ الكِتَابِ مِنَ اللَّهِ العَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [الزُّمَر: ١]، وَقَولِهِ: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النَّحْل: ١٠٢]، وَقَالَ أَيضًا: ﴿وَالَّذِينَ آتَينَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ [الأَنْعَام: ١١٤].فَهَذَا الإِنْزَالُ مِنْ عِنْدِهِ خَصَّهُ اللهُ تَعَالَى بِالقُرْآنِ خِلَافًا لِمَا سَبَقَ مِنَ الأَنْوَاعِ، فَلَا تَصِحُّ مُعَارَضَتُهُ بِمَا سَبَقَ مِنَ الأَمْثِلَةِ وَالحَمْدُ للهِ. اُنْظرْ كِتَابَ (الدُّرَرُ السَّنِيَّةُ فِي الأَجْوِبَةَ النَّجْدِيَّةِ) (٣/ ٣٧٧).(١) قُلْتُ: وَأَيضًا هُنَاكَ أَوجُهٌ أُخَرُ، مِنْهَا:أ- الإِخْبَارُ عَنِ الأُمَمِ المَاضِيَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ قَولِ فِرْعَونَ لِهَامَانَ: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ [غَافِر: ٣٦ - ٣٧].قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَبَرِيُّ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ (٢١/ ٣٨٧): "وَقَولُهُ: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ يَقُولُ: وَإِنِّي لَأَظُنُّ مُوسَى كَاذِبًا فِيمَا يَقُولُ وَيَدَّعِي مِنْ أَنَّ لَهُ فِي السَّمَاءِ؛ رَبًّا أَرْسَلَهُ إِلَينَا".قَالَ ابْنُ أَبِي العِزِّ الحَنَفِيُّ ﵀ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيَّةِ (ص ٢٨٧) -بَعْدَ إِيرَادِ وَجْهِ الدِّلَالَةِ مِنَ الآيَةِ الكَرِيمَةِ-: "فَمَنْ نَفَى العُلُوَّ مِنَ الجَهْمِيَّةِ فَهُوَ فِرْعَونِيٌّ، وَمَنْ أَثْبَتَهُ فَهُوَ مُوسَوِيٌّ مُحَمَّدِيٌّ".ب- الإِخْبَارُ بِـ (عِنْدَ) حَيثُ عُلِمَ أَنَّ المَلَائِكَةَ فِي السَّمَاءِ، كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ﴾ [الأَنْبِيَاء: ١٩].وَكَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ [الأَعْرَاف: ٢٠٦].ج- تَشْبِيهُ الرُّؤْيَةِ بِالرُّؤْيَةِ فِي حَدِيثِ البُخَارِيِّ (٨٠٦)، فَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ ﵁؛ أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَومَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: ((هَلْ تُمَارُونَ فِي القَمَرِ لَيلَةَ البَدْرِ لَيسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟)) قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ((فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيسَ دُونَهَا سَحَابٌ، … )). فَالتَّشْبِيهُ فِي الرُّؤْيَةِ فِيهِ ثَلَاثَةُ=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute