للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكِنَّهُ كَانَ مُوَفَّقًا لِقَولِ الصَّوَابِ كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((إنَّ اللهَ جَعَلَ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ يَقُولُ بِهِ)) (١).

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ : "فَقَد كَانَ عُمَرُ رَأْسَ الْمُلْهَمِينَ؛ وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ رُبَّمَا رَأَى الرَّأْيَ فَيُخْبِرُهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِهِ فَيَرْجِعُ إِلَيهِ وَيَتْرُكُ رَأْيَهُ، فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِمَا يَقَعُ فِي خَاطِرِهِ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ! فَقَدِ ارْتَكَبَ أَعْظَمَ الْخَطَأ، وَأَمَّا مَنْ بَالَغَ مِنْهُمْ فَقَالَ: حَدَّثَنِي قَلْبِي عَنْ رَبِّي! فَإِنَّهُ أَشَدُّ خَطَأً؛ فَإِنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ إِنَّمَا حَدَّثَهُ عَنِ الشَّيطَانِ! وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ" (٢).

قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ : "وَالْقِرَاءَةُ الْعَامَّةُ لَيسَ فِيهَا (المُحَدَّثُ)، إذْ يَجُوزُ أَنْ يُقَرَّ عَلَى بَعْضِ الْخَطَأِ وَيُدْخِلَ الشَّيطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ بَعْضَ مَا يُلْقِيهِ فَلَا يُنْسَخُ، بِخِلَافِ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَسْخِ مَا يُلْقِي الشَّيطَانُ وَأَنْ يُحْكِمَ اللَّهُ آيَاتِهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ، وَالْمُحَدَّثُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَعْرِضَ مَا يُحَدَّثُهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ. وَلِهَذَا أَلْقَى الشَّيطَانُ لِعُمَرِ -وَهُوَ مُحَدَّثٌ- فِي قِصَّةِ الْحُدَيبِيَةِ، وَقِصَّةِ مَوْتِ النَّبِيِّ ، وَقِصَّةِ اخْتِلَافِهِ وَهِشَامَ بْنِ حَكِيمِ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ؛ فَأَزَالَهُ عَنْهُ نُورُ النُّبُوَّةِ" (٣).

٣ - أَنَّ مَا جَرَى لِعُمَرَ -فِي قِصَّةِ سَارِيَةَ- لَيسَ فِيهِ عِلْمٌ بِالغَيبِ مُطْلَقًا،


=
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَينَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَو مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ؛ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٦٩٢٥)، وَمُسْلِمٌ (٢٠).
(١) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٥١٤٥) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (١٧٣٦).
(٢) فَتْحُ البَارِي (١١/ ٣٤٥).
(٣) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (٢/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>