للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَا تُخْرِجُهُ عِزَّتُهُ سُبْحَانَهُ عَنْ حِكْمَتِهِ؛ بِخِلَافِ العَزِيزِ مِنَ البَشَرِ (١).

الجِهَةِ الثَّانِيةِ: يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ تَأْوِيلِ صِفَةِ الغَضَبِ بِالانْتِقَامِ (٢) قَولُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الزُّخْرُف: ٥٥]، فَإِنَّ مَعْنَى ﴿آسَفُونَا﴾ أَغْضَبُونَا (٣)، فَجَعَلَ الانْتِقَامَ غَيرَ الغَضَبِ؛ بَلْ أَثَرًا مُتَرَتِّبًا عَلَيهِ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى بُطْلَانِ تَفْسِيرِ الغَضَبِ بِالانْتِقَامِ.

قُلْتُ: وَأَيضًا؛ فَالغَضَبُ صِفَةٌ تَدُلُّ عَلَى القُدْرَةِ؛ فَلَيسَتْ مَذْمُومَةً مُطْلَقًا!

قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَالمُؤْلِمُ إِنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ دَفْعُهُ أَثَارَ الغَضَبَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ أَثَارَ الحُزْنَ، وَلِهَذَا يَحْمَرُّ الوَجْهُ عِنْدَ الغَضَبِ لِثَوَرَانِ الدَّمِ عِنْدَ اسْتِشْعَارِ القُدْرَةِ، وَيَصْفَرُّ عِنْدَ الحُزْنِ لِغَورِ الدَّمِ عِنْدَ اسْتِشْعَارِ العَجْزِ" (٤).


(١) اُنْظُرْ كِتَابَ (القَولُ المُفِيدُ) (١/ ٤٢٢).
(٢) وَإِنْ كَانَ الانْتِقَامُ قَدْ يَكُونُ مِنْ آثَارِ الغَضَبِ أَحْيَانًا، فَاللهُ تَعَالَى يُوصَفُ بِالانْتِقَامِ مِنَ المُجْرِمِينَ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾ [السَّجْدَة: ٢٢].
(٣) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ (١٣/ ١٢١).
(٤) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (٢٨/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>