-حَتَّى المُسْلِمَ مِنْهَا-، فَكَانَ هَذَا الأَمْرُ بِمَثَابَةِ إِجْمَاعٍ مِنْهُم عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعيَّتِهِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي كِتَابِهِ (الآدَابُ الشَّرْعِيَّةُ): "قَالَ أَحْمدُ ﵀ فِي الرَّجُلِ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُعَالِجُ المَجْنُونَ مِنَ الصَّرَعِ بِالرُّقَى وَالعَزَائِمِ، أَو يَزْعُمُ أَنَّهُ يُخَاطِبُ الجِنَّ وَيُكَلِّمُهُم، وَمْنُهم مَنْ يَخْدُمُهُ؛ قَالَ: مَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ، تَرْكُهُ أَحَبُّ إليَّ. وَهَذَا يُرَادُ بِهِ التَّحْرِيمُ، كَمَا هُوَ المَعْلُومُ مِنْ نُصُوصِ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَلْفَاظِهِ" (١).
٥ - سَدًّا لِذَرِيعَةِ الافْتِتَانِ بِهِم.
وَالفِتْنَةُ بِهِم حَاصِلَةٌ مِنْ وُجُوهٍ:
أ- أَنَّ الشَّيَاطِينَ الأَصْلُ فِيهِمُ الكَذِبُ؛ فَلَا يُؤْمَنُ كَذِبُ مَنْ يَزْعُمُ مِنْهُم أَنَّهُ مُسْلِمٌ أَو صَالِحٌ، فَهُم يُوقِعُونَ العَدَاوَةَ بَينَ النَّاسِ فِي كَذِبِهِم.
ب- أَنَّ الشَّيَاطِينَ لَهُم اسْتِدْرَاجٌ، فَيَتَدَرَّجُونَ مِنْ مُبَاحٍ إِلَى مَكْرُوهٍ إِلَى مُحَرَّمٍ إِلَى شِرْكٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البَقَرَة: ١٦٨].
ج- أَنَّ الاسْتِعَانَةَ بِهِم -وَهُمْ غَيرُ مُشَاهَدُونَ لَنَا- يَعْنِي الاسْتِغَاثَةَ بِهِم فِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ، وَهَذَا يُمَاثِلُ فِعْلَ المُشْرِكِينَ مَعَ آلِهَتِهِم وَمَعَ الجِنِّ، فَقَولُ أَحَدِهِم: "أَغِثْنِي يَا فُلَانُ -بِاسْمِ الجِنِّيِّ-" أَو "أُعُوذُ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ -مِنَ الجِنِّ-" وَبِزَعْمِ أَنَّهُ حَيٌّ حَاضِرٌ قَادِرٌ! هَذَا ذَرِيعَةٌ لِلشِّرْكِ؛ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الشِّرْكُ.
(١) الآدَابُ الشَّرْعِيَّةُ (١/ ١٩٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute