للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّلَامِ- عَلَى الصَّحِيحِ مِن المَذْهَبِ. قَالَ فَي المُسْتَوعَبِ: بَلْ يُكْرَهُ، قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: أَهْلُ العِلْمِ كَانُوا لَا يَمَسُّونَهُ! نَقَلَ أَبُو الحَارِثِ: يَدْنُو مِنْهُ وَلَا يَتَمَسَّحُ بِهِ، بَلْ يَقُومُ حِذَاءَهُ فَيُسَلِّمُ، وَعَنْهُ يُتَمَسَّحُ بِهِ (١) " (٢).

وَقَالَ الحَجَاوِيُّ : "وَلَا يُتَمَسَّحْ، وَلَا يُمَسَّ قَبْرُ النَّبِيِّ ، وَلَا حَائِطُهُ، وَلَا يُلْصِقْ بِهِ صَدْرَهُ، وَلَا يُقَبِّلْهُ" (٣).

وَقَالَ السَّمْهُودِيُّ: "وَرُوِيَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ رَأَى رَجُلًا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ فَنَهَاهُ، وَقَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ! وَقَدْ أَنْكَرَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ أَشَدَّ الإِنْكَارِ" (٤).

وكُلُّ مَنْ دَرَسَ المذْهَبَ الحَنْبَلِيَّ عَرَفَ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّمَسُّحِ بِالقَبْرِ مَسْأَلَةٌ مَرْدُودَةٌ مُنْكَرَةٌ فِي المَذْهَبِ؛ فَكَيفَ يُنْسَبُ بَعْدَ هَذَا جَوَازُ التَّمَسُّحِ بِالقَبْرِ إِلَى الإِمَامِ أَحْمَدَ؟! وَقَاعِدَةُ العِلْمِ مَعْرُوفَةٌ فِي رَدِّ المُتَشَابِهِ إِلَى المُحْكَمِ.

- الوَجْهِ الثَّالِثِ: قَدْ نَقَلَ كَثِيرٌ مِن المُحَقِّقِينَ الإِجْمَاعَ -وَمِن جُمْلَتِهِم الإِمَامُ أَحْمَدُ كَمَا لَا يَخْفَى- عَلَى المَنْعِ مِن التَّمَسُّحِ بِالقَبْرِ الشَّرِيفِ، وَمِنْهُم:

قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ : "لَا يَجُوزُ أَنْ يُطَافَ بِقَبْرِ النَّبِيِّ ، ويُكْرَهُ إلْصَاقُ البَطْنِ وَالظهْرِ بِجِدَارِ القَبْرِ، قَالَهُ الحَلِيميُّ وَغَيرُهُ.


(١) وَهَذِهِ لَا تَثْبُتُ عَنْ أَحْمَدَ، كَمَا تَجِدُ نَصَّ المَرْدَاوِيِّ عَنْهُ فِي قَولِهِ السَّابِقِ: "عَلَى الصَّحِيحِ مِن المَذْهَبِ".
(٢) الإِنْصَافُ (٤/ ٥٣).
(٣) الإِقْنَاعُ (١/ ٣٩٦).
(٤) وَفَاءُ الوَفَاءِ (٤/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>