للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْقَطِعَ التَّوبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)) (١).

وَأَمَّا قَولُهُ : ((لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ؛ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ)) (٢) فَالمُرَادُ بِهِ: الهِجْرَةُ مِنْ مَكَّةَ، لِأَنَّهَا بَعْدَ الفَتْحِ صَارَتْ دَارَ إِسْلَامٍ، وَأَمَّا الهِجْرَةُ مِنْ بِلَادِ الكُفْرِ إِلَى بِلَادِ الإِسْلَامِ فَهِي بَاقِيَةٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَإِذَا كَانَتِ البِلَادُ بِلَادًا إِسْلَامِيَّةً فَالانْتِقَالُ مِنْهَا إِلَى بَلَدٍ أَفْضَلَ مِنْهَا مُسْتَحَبٌّ (٣).

- قَالَ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِينَ مُعَلِّقًا عَلَى قَولِ المُصَنِّفِ : (الفَرْقُ بَينَ ذِمَّةِ اللهِ وَذِمَّةِ نَبِيِّهِ وَذِمَّةِ المُسْلِمِينَ): "لَو قَالَ: الفَرْقُ بَينَ ذِمَّةِ اللهِ وَذِمَّةِ نَبِيِّهِ وَبَينَ ذِمَّةِ المُسْلِمِينَ؛ لَكَانَ أَوْضَحَ، لِأَنَّكَ عِنْدَمَا تَقْرَأُ كَلَامَهُ تَظُنُّ أَنَّ الفُرُوقَ بَينَ الثَّلَاثَةِ كُلِّهَا، وَلَيسَ كَذَلِكَ! فَإِنَّ ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ وَاحِدَةٌ، وَإِنَّمَا الفَرْقُ بَينَهُمَا وَبَينَ ذِمَّةِ المُسْلِمِينَ.

وَالفَّرْقُ أَنَّ جَعْلَ ذِمَّةِ اللهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ لِلْمُحَاصِرِينَ مُحَرَّمَةٌ، وَجَعْلَ ذِمَّةِ المُحَاصِرِينَ -بِكَسْرِ الصَّادِ- ذِمَّةٌ جَائِزَةٌ" (٤).

- فَائِدَةٌ: ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ -وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى- إِلَى أَنَّ أَخْذَ الجِزْيَةِ خَاصٌّ بِأَهْلِ الكِتَابِ وَبِالمَجُوسِ فَقَط مِنَ العَرَبِ وَمِنَ العَجَمِ، وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُم مِنَ المُشْرِكِينَ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُم جِزْيَةٌ، وَبَعْضُهُم كَالإِمَامِ مَالِكٍ تَوَسَّعَ فَجَعَلَهَا مِنْ كُلِّ المُشْرِكِينَ (٥).


(١) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٢٤٧٩) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٧٤٦٩).
(٢) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٢٧٨٣)، وَمُسْلِمٌ (١٣٥٣) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا.
(٣) إِعَانَةُ المُسْتَفِيدِ (٢/ ٤١٠).
(٤) القَولُ المُفِيدُ (٢/ ٤٩٤).
(٥) رَاجِعْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ (٤/ ١٣٢).
=

<<  <  ج: ص:  >  >>