للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُفَّارِ بِقِتَالٍ، أَمَّا الفَيءُ فَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ أَمْوَالِ الكُفَّارِ بِغَيرِ قِتَالٍ (١).

- قَولُهُ: ((الجِزْيَة)) هو مِنْ جَزَى يَجْزِي، وَظَاهِرُهَا أَنَّها مُكَافَأَةٌ عَلَى شِيءٍ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ مَالٍ مَدْفُوعٍ مِنْ غَيرِ المُسْلِمِ عِوَضًا عَنْ حِمَايَتِهِ وَإِقَامَتِهِ بِدَارِنَا، وَالذِّمِّيُّ مَعْصُومٌ مَالُهُ وَدَمُّهُ وَذُرِّيَّتُهُ مُقَابِلَ الجِزْيَةِ.

وَأَمَّا صِفَةُ أَدَاءِ الجِزْيَةِ؛ فَهِيَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التَّوبَة: ٢٩] أَي: يُسَلِّمُوهَا بِأَيدِيهِم؛ فَلَا يُقْبَلُ أَنْ يُرْسِلَ بِهَا الذِّمِّيُّ خَادِمَهُ أَو ابْنَهُ! بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا هُوَ نَفْسُهُ بِهَا.

- قَولُهُ: ((اسْتَعِنْ بِاللهِ)) دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الاسْتِعَانَةِ بِاللهِ تَعَالَى وَعَدَمِ الاغْتِرَارِ بِالقُوَّةِ أَوِ الكَثْرَةِ، فَالاعْتِمَادُ عَلَيهَا سَبَبٌ لِلهَزِيمَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ حُنَينٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيئًا وَضَاقَتْ عَلَيكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ [التَّوبَة: ٢٥].

- قَولُهُ: ((فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ)) وَذَلِكَ خَشْيَةَ نَقْضِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقَّ الوَفَاءِ بِالعَهْدِ مِنَ المُسْلِمِينَ -كَجُمْلَةِ الأَعْرَابِ مَثَلًا-، أَو لِعَارِضٍ خَارِجٍ عَنْ طَاقَتِهِ؛ فَيَقَعُ النَّقْضُ!

وَالمَعْنَى العَامُّ: أَنَّهُ إِنْ وَقَعَ نَقْضٌ؛ فَنَقْضُ عَهْدِ الخَلْقِ أَهْوَنُ مِنْ نَقْضِ عَهْدِ اللهِ تَعَالَى، كَمَا فِي قَولِ المُصَنِّفِ فِي المَسَائِلِ: "الإِرْشَادُ إِلَى أَقَلِّ الأَمْرَينِ خَطَرًا".

- قَولُهُ: ((وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ)) هَذَا فِيمَا لَيسَ عِنْدَهُ فِيهِ نَصٌّ لِأَنَّهُ مَوضِعُ اجْتِهَادٍ، وَبَيَانُهُ فِي تَتِمَّةِ قَولِهِ: ((فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ فِيهِمْ حُكْمَ اللهِ أَمْ لَا)).


(١) وَعَلَيهِ أَكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ، أَفَادَهُ الشَّنْقِيطِيُّ فِي كِتَابِهِ (أَضْوَاءُ البَيَانِ) (٢/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>