للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ : "وَقَدِ اسْتَشْكَلَ كَونُ المَلَائِكَةِ لَا تَدْخُلُ المَكَانَ الَّذِي فِيهِ التَّصَاوِيرُ مَعَ قَولِهِ عِنْدَ ذِكْرِ سُلَيمَانَ : ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ﴾، وَقَدْ قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَتْ صُوَرًا مِنْ نُحَاسٍ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ وَمِنْ زُجَاجٍ. أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ.

وَالجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ، وَكَانُوا يَعْمَلُونَ أَشْكَالَ الأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مِنْهُمْ عَلَى هَيئَتِهِمْ فِي العِبَادَةِ لِيَتَعَبَّدُوا كَعِبَادَتِهِمْ، وَقَدْ قَالَ أَبُو العَالِيَةِ (١): لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي شَرِيعَتِهِمْ حَرَامًا ثُمَّ جَاءَ شَرْعُنَا بِالنَّهْي عَنْهُ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ التَّمَاثِيلَ كَانَتْ عَلَى صُورَةِ النُّقُوشِ لِغَيرِ ذَوَاتِ الأَرْوَاحِ. وَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ مُحْتَمَلًا؛ لَمْ يَتَعَيَّنِ الحَمْلُ عَلَى المَعْنَى المُشْكِلِ" (٢).


(١) (أَبُو العَالِيَةِ): هُوَ الإِمَامُ المُقْرِئُ الحَافِظُ المُفَسِّرُ؛ أَبُو العَالِيَةِ؛ رُفَيعُ بْنُ مِهْرَانَ الرِّيَاحِيُّ؛ البَصْرِيُّ؛ أَحَدُ الأَعْلَامِ؛ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَفَاتُهُ قُرَابَةُ التِّسْعِينَ. يُنْظُرُ: (سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ) لِلذَّهَبِيِّ (٤/ ٢٠٧).
(٢) فَتْحُ البَارِي (١٠/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>