للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ الحَدِيثِ بِلَفْظٍ آخَرَ وَهُوَ: ((فَاقْطَعُوا رُؤوسَهَا؛ فَاجْعَلُوهَا بِسَاطًا أَو وَسَائِدَ فَاوطَئُوهُ)) (١)، فَفِيهِ بَيَانُ النَّصِّ عَلَى وُفْقِ مَا وَجَّهَهُ الحَافِظُ؛ وَمَا أَشَارَ إِلَيهِ البُخَارِيُّ رَحِمَهُمَا اللهُ.

وَقَالَ أَيضًا -عِنْدَ شَرْحِ بَابِ نَقْضِ الصُّوَرِ (٢) -: "وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْ نَقْضِ الصَّلِيبِ نَقْضَ الصُورَةِ الَّتِي تَشْتَرِكُ مَعَ الصَّلِيبِ فِي المَعْنَى وَهُوَ عِبَادَتُهُمَا مِنْ دُونِ اللهِ؛ فَيَكُونُ المُرَادُ بِالصُّوَرِ فِي التَّرْجَمَةِ خُصُوصَ مَا يَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الأَرْوَاحِ؛ بَلْ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ" (٣).

٣ - أَمَّا حَدِيثُ: ((إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوبٍ)) فَفِيهِ مَسَالِكُ:

الأَوَّلُ: مَعْنَى الرَّقْمِ لَغْةً:

قَالَ فِي تَاجِ العَرُوسِ: "رَقَمَ الثَّوبَ رَقْمًا: وَشَاهُ" (٤).

وَقَالَ فِي جَمْهَرَةِ اللُّغَةِ: "الرَّقْمُ: رَقْمُ الثَّوبِ، وَكُلُّ ثَوبٍ وُشِّيَ فَهُوَ مَرْقُومٌ" (٥).

وَالوَشْيُ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ مِنْ خَلْطِ الأَلْوَانِ، فَهُوَ بِمَعْنَى التَّعْلِيمِ، قَالَ فِي لِسَانِ


(١) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٨٠٧٩) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. الصَّحِيحَةُ (٣٥٦).
(٢) وَفِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ : (أَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيتِهِ شَيئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ). البُخَارِيُّ (٥٩٥٢).
(٣) فَتْحُ البَارِي (١٠/ ٣٨٥).
(٤) تَاجُ العَرُوسِ (٣٢/ ٢٧٢).
(٥) جَمْهَرَةُ اللُّغَةِ (٢/ ٧٩٠).
وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي مُعْجَمِ مَقَايِيسِ اللُّغَةِ (٢/ ٤٢٥): " (رَقَمَ) الرَّاءُ وَالقَافُ وَالمِيمُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى خَطٍّ وَكِتَابَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَالرَّقْمُ: الخَطُّ، وَكُلُّ ثَوبٍ وُشِيَ فَهُوَ رَقْمٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>