للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د- إِذَا كَانَتِ المُضَاهَاةُ هِيَ عِلَّةَ النَّهْي فِي الرَّسْمِ اليَدَوِيِّ -وَهِيَ أَحَدُ أَوجُهِ النَّهْي- فَلَا رَيبَ أَنَّ التَّصْوِيرَ الشَّمْسِيَّ أَعْلَى مُضَاهَاةً مِنْ جِهَةِ النَّتِيجَةِ؛ وَعَلَيهِ فَالعِلَّةُ فِيهِ هِيَ مِنْ بَابِ أَولَى (١).

٦ - أَنَّ قِيَاسَهُ عَلَى صُورَةِ المِرْآةِ وَالانْعِكَاسِ عَلَى وَجْهِ المَاءِ السَّاكِنِ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ، وَذَلِكَ مِنْ أَوجُهٍ:

أ- أَنَّ القَائِمَ قُبَالَةَ المِرْآةِ أَو وَجْهِ المَاءِ لَا يُسَمَّى مُصَوِّرًا لَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا وَلَا شَرْعًا.

ب- أَنَّ الصُورَةَ فِي المِرْآةِ وَعَلَى وَجْهِ المَاءِ لَيسَتْ مُسْتَقِرَّةً؛ فَلَا يَكُونُ صَاحِبُهَا قَدْ خَرَجَ بِصُورَة! بَلْ هَذِهِ الصُورَة تَزُولُ بِزَوَالِ المُقَابِلِ لَهَا (٢).

ج- أَنَّ الصُورَةَ القَائِمَةَ فِي المِرْآةِ أَو عَلَى وَجْهِ المَاءِ تَحْصُلُ بِدُونِ أَيِّ سَعْيٍ أَو عَمَلٍ مِنَ المَرْءِ، بِخِلَافِ صَاحِبِ (كَبْسَةِ الزِّرِّ) (٣)!


(١) وَلِبَيَانِ شَيءٍ مِنَ الوَاقِعِ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ العِلْمِ بِأَنَّ التَّصْوِيرَ الشَّمْسِيَّ حَقِيقَةً هُوَ كَاليَدَوِيِّ مِنْ حَيثُ تَدَرُّجِ الدِّقَّةِ فِي الالْتِقَاطِ وَالعَرْضِ، فَهُنَاكَ مَا يُسَمَّى بِدَرَجَةِ الـ (بِكْسِلْ) وَهِي دَرَجَةٌ تُعَبِّرُ عَنْ دِقَّةِ الالْتِقَاطِ وَالعَرْضِ، فَمُنْذُ سَنَوَاتٍ كُنْتَ تَجِدُ أَنَّ هُنَاكَ مِنَ الصُّوَرِ الشَّمْسِيَّةِ إِذَا أَعْمَلْتَ فِيهَا العَدَسَةَ المُكَبِّرَةَ قَلِيلًا رَأَيتَهَا تَنْقَسِمُ إِلَى مُرَبَّعَاتٍ لَوْنِيَّةٍ؛ حَيثُ تَفْقِدُ الصُوْرَةُ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ مِنَ التَّكْبِيرِ دِقَّتَهَا وَوُضُوْحَهَا، وَمَعَ تَقَدُّمِ التّقَنِيَّةِ تَزْدَادُ هَذِهِ الدِّقَّةُ، فَهَلْ يُقَالُ بَعْدُ مَعَ هَذَا: إِنَّ المُصَوَّرَ هُوَ نَفْسُ تَصْوِيرِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ؟! وَالحَمْدُ للهِ عَلَى تَوْفِيقِهِ.
(٢) وَعَلَيهِ فَلَا مَحْذُورَ فِي اسْتِخْدَامِ آلَاتِ المُرَاقَبَةِ فِي المُنْشَآتِ وَالمَتَاجِرِ وَأَشْبَاهِهَا لِأَنَّ الصُورَةَ لَيسَتْ مَحْفُوظَةً أَصْلًا، وَإِنَّمَا حَقِيقَتُهَا انْعِكَاسُ الصُّوَرِ فِي المَرَايَا، وَهِيَ أَيضًا لَو حُفِظَتْ؛ فَلَا حَرَجَ إِنْ شَاءَ اللهُ لِأَنَّهَا مِمَّا تَسْتَدْعِيهِ المَصْلَحَةُ وَالحَاجَةُ المُلِحَّةُ.
(٣) قَالَ الشَّيخُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي مَجْمُوعِ الفَتَاوَى وَالرَسَائِلِ (١/ ١٨٧): "وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ مُجِيزِي التَّصْوِيرِ الشَّمْسِيِّ أَنَّهُ نَظِيرُ ظُهُورِ الوَجْهِ فِي المِرْآةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الصَّقِيلَاتِ! وَهَذَا فَاسِدٌ؛ فَإِنَّ ظُهُورَ الوَجْهِ فِي المِرْآةِ وَنَحْوِهَا شَيءٌ غَيرُ مُسْتَقِرٍ، وَإِنَّمَا يُرَى بِشَرْطِ بَقَاءِ المُقَابَلَةِ؛ فَإِذَا فُقِدَتِ المُقَابَلَةُ
=

<<  <  ج: ص:  >  >>