للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَخَذَهَا عَنْهُ الجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ، وَأَظْهَرَهَا؛ فَنُسِبَتْ مُقَالَةُ الجَهْمِيَّةِ إلَيهِ" (١).

وَانْشَقَّ عَنْهَا مَذْهَبُ المُعْتَزِلَةِ وَمَذْهَبُ الأَشَاعِرَةِ وَمَذْهَبُ المَاتُرِيدِيَّةِ.

وَ"المُعْتَزِلَةُ: مِنَ القَدَرِيَّةِ، زَعَمُوا أَنَّهُم اعْتَزَلوا فِئَتَيِ الضَّلَالَةِ عِنْدَهُم: أَهْلَ السُّنَّةِ، وَالخَوَارِجَ. أَو سَمَّاهُم بِهِ الحَسَنُ (البَصْرِيُّ) لَمَّا اعْتَزَلَهُ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أُسْطُوَانَةٍ مِنْ أُسْطُوَانَاتِ المَسْجِدِ، وَشَرَعَ يُقَرِّرُ القَولَ بِالمَنْزِلَةِ بَينَ المَنْزِلَتَينِ، وَأَنَّ صَاحِبَ الكَبِيرَةِ لَا مُؤْمِنٌ مُطْلَقٌ وَلَا كَافِرٌ مُطْلَقٌ؛ بَلْ بَينَ المَنْزِلَتَينِ" (٢).


(١) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (٥/ ٢٠).
وَتَتِمَّةُ كَلَامِهِ : "وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الجَعْدَ أَخَذَ مَقَالَتَهُ عَنْ أَبَانَ بْنِ سَمْعَانَ، وَأَخَذَهَا أَبَانُ عَنْ طَالُوتَ ابْنِ أُخْتِ لَبِيدِ بْنِ الأَعْصَمِ، وَأَخَذَهَا طَالُوتُ مِنْ لَبِيدِ بْنِ الأَعْصَمِ اليَهُودِيِّ السَّاحِرِ الَّذِي سَحَرَ النَّبِيَّ ، وَكَانَ الجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ هَذَا -فِيمَا قِيلَ- مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ وَكَانَ فِيهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّابِئَةِ وَالفَلَاسِفَةِ بَقَايَا أَهْلِ دِينِ نُمْرُودَ وَالكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ صَنَّفَ بَعْضُ المُتَأَخِّرِينَ فِي سِحْرِهِمْ، وَنُمْرُودُ هُوَ مَلِكُ الصَّابِئَةِ الكَلْدَانِيِّينَ المُشْرِكِينَ، كَمَا أَنَّ كِسْرَى مَلِكُ الفُرْسِ وَالمَجُوسِ، وَفِرْعَونَ مَلِكُ مِصْرَ، وَالنَّجَاشِيَّ مَلِكُ الحَبَشَةِ، وَبَطْلَيمُوسَ مَلِكُ اليُونَانِ، وَقَيصَرَ مَلِكُ الرُّومِ، فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ لَا اسْمَ عَلَمٍ، فَكَانَتِ الصَّابِئَةُ -إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ- إذْ ذَاكَ عَلَى الشِّرْكِ وَعُلَمَاؤُهُمْ هُمُ الفَلَاسِفَةُ، وَإِنْ كَانَ الصَّابِئُ قَدْ لَا يَكُونُ مُشْرِكًا؛ بَلْ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البَقَرَة: ٦٢]، وَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [المَائِدَة: ٦٩]. لَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ أَو أَكْثَرَهُمْ كَانُوا كُفَّارًا أَو مُشْرِكِينَ؛ كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى بَدَّلُوا وَحَرَّفُوا وَصَارُوا كُفَّارًا أَو مُشْرِكِينَ، فَأُولَئِكَ الصَّابِئُونَ -الَّذِينَ كَانُوا إذْ ذَاكَ- كَانُوا كُفَّارًا أَو مُشْرِكِينَ وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الكَوَاكِبَ وَيَبْنُونَ لَهَا الهَيَاكِلَ".
(٢) القَامُوسُ المُحِيطُ (ص ١٠٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>