وَتَتِمَّةُ كَلَامِهِ ﵀: "وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الجَعْدَ أَخَذَ مَقَالَتَهُ عَنْ أَبَانَ بْنِ سَمْعَانَ، وَأَخَذَهَا أَبَانُ عَنْ طَالُوتَ ابْنِ أُخْتِ لَبِيدِ بْنِ الأَعْصَمِ، وَأَخَذَهَا طَالُوتُ مِنْ لَبِيدِ بْنِ الأَعْصَمِ اليَهُودِيِّ السَّاحِرِ الَّذِي سَحَرَ النَّبِيَّ ﷺ، وَكَانَ الجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ هَذَا -فِيمَا قِيلَ- مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ وَكَانَ فِيهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّابِئَةِ وَالفَلَاسِفَةِ بَقَايَا أَهْلِ دِينِ نُمْرُودَ وَالكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ صَنَّفَ بَعْضُ المُتَأَخِّرِينَ فِي سِحْرِهِمْ، وَنُمْرُودُ هُوَ مَلِكُ الصَّابِئَةِ الكَلْدَانِيِّينَ المُشْرِكِينَ، كَمَا أَنَّ كِسْرَى مَلِكُ الفُرْسِ وَالمَجُوسِ، وَفِرْعَونَ مَلِكُ مِصْرَ، وَالنَّجَاشِيَّ مَلِكُ الحَبَشَةِ، وَبَطْلَيمُوسَ مَلِكُ اليُونَانِ، وَقَيصَرَ مَلِكُ الرُّومِ، فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ لَا اسْمَ عَلَمٍ، فَكَانَتِ الصَّابِئَةُ -إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ- إذْ ذَاكَ عَلَى الشِّرْكِ وَعُلَمَاؤُهُمْ هُمُ الفَلَاسِفَةُ، وَإِنْ كَانَ الصَّابِئُ قَدْ لَا يَكُونُ مُشْرِكًا؛ بَلْ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البَقَرَة: ٦٢]، وَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [المَائِدَة: ٦٩]. لَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ أَو أَكْثَرَهُمْ كَانُوا كُفَّارًا أَو مُشْرِكِينَ؛ كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى بَدَّلُوا وَحَرَّفُوا وَصَارُوا كُفَّارًا أَو مُشْرِكِينَ، فَأُولَئِكَ الصَّابِئُونَ -الَّذِينَ كَانُوا إذْ ذَاكَ- كَانُوا كُفَّارًا أَو مُشْرِكِينَ وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الكَوَاكِبَ وَيَبْنُونَ لَهَا الهَيَاكِلَ".(٢) القَامُوسُ المُحِيطُ (ص ١٠٣١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute