للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ مَعْرِفَةَ الفِرَقِ وَمَذَاهِبِهَا وَشُبُهَاتِهَا؛ وَمَعْرِفَةَ الفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ -أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ- وَمَا هِيَ عَلَيهِ؛ هُوَ أَمْرٌ ضَرِورِيٌّ لِلمُسْلِمِ، لِأَنَّ هَذِهِ الفِرَقَ الضَّالَّةَ عِنْدَهَا شُبُهَاتٌ ومُغْرَيَاتُ تَضْلِيلٍ؛ قَدْ يَغْتَرُّ الجَاهِلُ بِهَا وَيَنْخَدِعُ؛ فَيَنْتَمِي إِلَيهَا!

وَقَدْ حَذَّرَنَا النَّبِيُّ مِنْهَا، فَعَنِ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ؛ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ ذَاتَ يَومٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَينَا فَوَعَظَنَا مَوعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ. فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ كَأَنَّ هَذِهِ مَوعِظَةُ مُوَدِّعٍ! فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَينَا؟ فَقَالَ: ((أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ المَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ


=
بِالجَمَاعَةِ، … وَالمُرَادُ: بِالجَمَاعَةِ أَهْلُ الحَلِّ وَالعَقْدِ مِنْ كُلِّ عَصْرٍ". اُنْظُرْ كِتَابَ فَتْحُ البَارِي (١٣/ ٣١٦) لِلحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ .
وَقَالَ الكِرْمَانِيُّ : "مَقْتَضَى الأَمْرِ بِلُزُومِ الجَمَاعَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ المُكَلَّفَ المُتَابَعَةُ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيهِ المُجْتَهِدُونَ، وَهُمُ المُرَادُ بِقَولِهِ: وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ". فَتْحُ البَارِي (١٣/ ٣١٦).
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ (٤/ ٣٧): "وَتَفْسِيرُ الجَمَاعَةِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ هُمْ: أَهْلُ الفِقْهِ وَالعِلْمِ وَالحَدِيثِ".
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (٦/ ٢١): "بَابُ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ وَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ بِلُزُومِ الجَمَاعَةِ؛ وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ".
وَقَالَ أَيضًا (٩/ ١٠١): "بَابُ قَولِ النَّبِيِّ : ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ يُقَاتِلُونَ))؛ وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ".
وَبَوَّبَ النَّوَوِيُّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (٣/ ١٤٧٥): "بَابُ الأَمْرِ بِلُزُومِ الجَمَاعَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الفِتَنِ، وَتَحْذِيرِ الدُّعَاةِ إِلَى الكُفْرِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>