وَقَالَ الشَّيخُ صَالِحُ آلِ الشَّيخِ حَفِظَهُ اللهُ فِي شَرْحِ العَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ -شَرِيط رَقَم (٣١) -: "قَالَ: ((وَالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ، وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى)) وَالخَيرُ وَالشَّرُّ وَالحُلْوُ وَالمُرُّ فِي القَدَرْ: المَقْصُودُ بِهِ مَا يُضَافُ لِلعَبْدِ مِنَ القَدَرِ -يَعْنِي: المَقْدُور- فَالقَدَرُ لَهُ جِهَتَانِ:أ- جِهَةٌ صِفَةُ اللهِ وَفِعْلُ اللهِ: وَهَذِهِ مُرْتَبِطَةٌ بِعَدَدٍ مِنْ صِفَاتِ الرَّبِّ: أَوَّلُهَا: العِلْمُ، وَالثَّانِي: الكِتَابَةُ وَالمَشِيئَةُ وَالخَلْقُ وَالحِكْمَةُ وَهِيَ وَضْعُ الأُمُورِ مَوَاضِعَهَا اللَّائِقَةَ بِهَا المُوَافِقَةَ لِلغَايَاتِ المَحْمُودَةِ مِنْهَا، وَالعَدْلُ فِي حُكْمِهِ تَعَالَى القَدَرِيِّ؛ وَهُوَ وَضْعُ الأُمُورِ وَالمَقَادِيرِ فِي مَوَاضِعِهَا، هَذِهِ جِهَةٌ تَتَعَلَّقُ بِاللهِ تَعَالَى.ب- جِهَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالعَبْدِ: وَهِيَ المَقْدُورُ: وُقُوعُ المَقْدُورِ؛ وُقُوعُ المُقَدَّرِ عَلَيهِ؛ وُقُوعُ القَدَرِ عَلَيهِ؛ أَو حُصُولُ القَدَرِ، وَهَذِهِ تُسَمَّى المَقْدُورَ، وَتُسَمَّى القَضَاءَ كَمَا أَسْلَفْنَا لَكُم فِي الفَرْقِ مَا بَينَ القَدَرِ وَالقَضَاءِ. هَذَا المُقَدَّرُ هُوَ الَّذِي يَنْقَسِمُ إِلَى خَيرٍ وَشَرٍّ وَإِلى حُلْوٍ وَمُرٍّ".(١) قُلْتُ: وَعَلَيهِ؛ فَإِنَّ مَا اشْتُهِرَ فِي دُعَاءِ القُنُوتِ عِنْدَ العَامَّةِ بِقَولِهِم: (وَقِنِا شَرَّ وَسُوءَ مَا قَدَّرْتَ وَقَضَيتَ) يَكُونُ مُنْكَرًا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الشَّرَّ وَالسُّوءَ فِي تَقْدِيرِ اللهِ نَفْسِهِ الَّذِي هُوَ فِعْلُهُ تَعَالَى -وَفِعْلُهُ كُلُّهُ خَيرٌ كَمَا سَلَفَ-، وَأَمَّا جَعْلُهُ فِي القَضَاءِ أَيضًا -الَّذِي هُوَ المَقْدُورُ-؛ فَهَذَا صَحِيحٌ لَا رَيبَ فِيهِ، فَالمَحْظُورُ وَقَعَ هُنَا عِنْدَمَا جُمِعَ بَينَ القَضَاءِ وَالقَدَرِ فِي مَوطِنٍ وَاحِدٍ مَعَ نِسْبَةِ السُّوءِ وَالشَّرِّ إِلَيهِمَا جَمِيعًا.وَأَمَّا الدُّعَاءُ المَسْنُونُ فَهُوَ بِلَفْظِ: ((وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيتَ)) فَقَط؛ كَمَا تَجِدُهُ فِي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ (١٤٢٥)؛ فَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّهِ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى، وَصَدَقَ الصَّحَابِيُّ الجَلِيلُ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ﵁ حِينَ قَالَ: (الاقْتِصَادُ فِي السُّنَّةِ خَيرٌ مِنَ الاجْتِهَادِ فِي البِدْعَةِ). رَوَاهُ الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ (٣٥٢)، وَصَحَّحَهُ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى حَدِيثِ الضَّعِيفَةِ (٣٩١٧).وَقَرِيبٌ مِنَ الدُّعَاءِ السَّابِقِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيرَةَ؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ((تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ)). البُخَارِيُّ (٦٦١٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute