للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أَنَّ أَمْرَ القَدَرِ هُوَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ ، وَاللهُ تَعَالَى لَا نَعْلَمُ عَنْهُ إِلَّا وُفْقَ مَا أَخْبَرَ بِهِ؛ وَعَلَيهِ فَلَا يَلْزَمُ حُصُولُ اسْتِشْكَالٍ عَلَى شَيءٍ فِيهِ؛ فَالإِيمَانُ هُنَا هُوَ تَعَلُّمٌ وَلَيسَ فَهْمٌ!

- فِي حَدِيثِ ابْنِ الدَّيلَمِيِّ بَيَانُ جَوَازِ سُؤَالِ أَكْثَرِ مِنْ عَالِمٍ لِلتَّثَبُّتِ، أَمَّا سُؤَالُ أَكْثَرِ مِنْ عَالِمٍ لِتَتَبُّعِ الرُّخَصِ! فَهَذَا لَا يَجُوزُ.

قَالَ الإِمَامُ ابْنُ القَيِّمِ : "وَمَنْ تَتَبَّعَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ العُلَمَاءُ وَأَخَذَ بِالرُّخَصِ مِنْ أَقَاوِيلِهِم تَزَنْدَقَ، أَو كَادَ" (١).

- قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فِي حَدِيثِ ابْنِ الدَّيلَمِيِّ-وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ-: (لَو أَنَّ اللهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ؛ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَو رَحِمَهُمْ؛ كَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ) (٢)، وَالمَعْنَى أَنَّ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَأَهْلَ الأَرْضِ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَقُومُوا بِحُقُوقِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا الوَاجِبَةِ لَهُ؛ فَلَو عَذَّبَهُم لَعَذَّبَهُم عَلَى تَرْكِ الحَقِّ، وَلَو رَحِمَهُم لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِم لَهَا، فَاللهُ تَعَالَى جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ حَقًا لَهُم؛ وَلَكِنَّهُ حَقُّ تَفَضُّلٍ وَلَيسَ حَقَ مُقَابَلَةٍ (٣).

- قَولُ المُصِنِّفِ فِي المَسَائِلِ: (بَيَانُ كَيفِيَّةِ الإِيمَانِ): أَي: بِالقَدَرِ، وَهُوَ أَنْ تُؤْمِنَ بِأَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ.


(١) إِغَاثَةُ اللهْفَانِ (١/ ٢٢٨).
(٢) أَحْمَدُ (٢١٦١١) عَنْهُ مَرْفُوعًا، وَصَحَّحَهُ الشَّيخُ شُعَيبُ الأَرْنَؤُوط فِي تَحْقِيقِ المُسْنَدِ.
(٣) كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى عَنْ جَزَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ: ﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا﴾ [النَّبَأ: ٣٦].
وَكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النِّسَاء: ١٧٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>