للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّابِرِ، وَعَدْلُهُ مَعَ الكَافِرِ، قَالَ العُلَمَاءُ: أَفْعَالُ اللهِ تَعَالَى كُلُّهَا حِكْمَةٌ؛ تَدُورُ بينَ العَدْلِ وَالفَضْلِ.

وَتَأَمَّلْ قِصَّةَ مُوسَى مَعَ الخَضِرِ وَمَا فِيهَا مِنَ الحِكَمِ، ثُمَّ تَأَمَّلْ قَولَ الخَضِرِ: ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ [الكَهْف: ٨٢].

- قَولُهُ: ((خَيرِهِ وَشَرِّهِ)) مَفَادُهُ التَّأْكِيدُ عَلَى أَنَّ الخَيرَ وَالشَّرَّ كِلَاهُمَا مَخْلُوقَانِ مُقَدَّرَانِ مِنَ اللهِ تَعَالَى.

- قَولُهُ: ((حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ)) أَي: أَنَّ مَا قَدَّرَ اللهُ أَنْ يُصِيبَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ مَهْمَا عَمِلْتَ مِنْ أَسْبَابٍ؛ فَإِنَّ قَدَرَ اللهِ تَعَالَى وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ.

- قَولُهُ: ((إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَم)) القَلَمُ بِالرَّفْعِ (١)، وَرُويَ بِالنَّصْبِ (٢).

وَعَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ يَكُونُ المَعْنَى: أَنَّ أَوَّلَ مَخْلُوقٍ هُوَ القَلَمُ، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ يَكُونُ المَعْنَى: إِنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ القَلَمَ أَنْ يَكْتُبَ عِنْدَ أَوَّلِ خَلْقِهِ لَهُ.

وَقَولُ المُصِنِّفِ فِي المَسَائِلِ: (ذِكْرُ أَوَّلِ مَا خَلَقَ اللهُ): ظَاهِرُهُ المَيلُ إِلَى أَنَّ القَلَمَ هُوَ أَوُّلُ مَخْلُوقَاتِ اللهِ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا بَحْثٌ يَسِيرٌ فِي ذَلِكَ.

- قَولُهُ: ((إلى يَومِ القِيَامَةِ)) هُوَ يَومُ البَعْثِ، وَسُمِّيَ يَومَ القِيَامَةِ؛ لِقِيَامِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ فِيهِ:

١ - قِيَامِ النَّاسِ مِنْ قُبُورِهِم لِرَبِّ العَالَمِينَ.


(١) عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهُ خَبَرُ إِنَّ؛ وَيَكُونُ بِذَلِكَ نَصًّا فِي أَنَّهُ أَوَّلُ مَخْلُوقٍ.
(٢) عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِفِعْلِ (خَلَقَ)، وَيَكُونُ خَبَرُ (إِنَّ) هُوَ جُمْلَةُ: (فَقَالَ لَهُ: اُكْتُبْ)، وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الأَوَّلِيَّةُ فِي الحَدِيثِ بِاعْتِبَارِ خَلْقِ القَلَمِ، وَلَيسِ لِعُمُومِ الخَلْقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>