للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٩) في ذروات التعبيرات العاطفية، فالتعبير المباشر السافر فيها عند التصافي وانعدام الرقباء هو من أرقى الأدب وأرفعه. إنّه قد يكون أوقع عند وصول الحبيبين إلى التكاشف الصريح أنْ يقول كلُّ منهما لحبيبه: أنِّي أحبُّك، أو يا حبيبي.

والأسلوب الملامس بساتر:

هو الأسلوب الذي يُستخدم فيه للدلالة على المعنى المراد طريق التشبيه والتمثيل، أو الاستعارة، أو المجاز المرسل، أو المجاز العقلي إذا قلنا به.

فحين نقول: "وجهه كالقمر" فإنّ السامع أو القارىء يلمس أنّ المراد وصفه بأنّه جميل، ولكنّ حِسَّ اللّمس يقع على ساتر التشبيه بالقمر، ولا يباشر الملموس المراد، وإنّما يباشر الساتر، فبين اللاّمس والملموس فاصل الساتر، وهو هنا التشبيه.

ويتكاثف الساتر في التشبيه البليغ.

ويزداد الساتر كثافة في الاستعارة التصريحية.

ويزداد الساتر كثافة أخرى في الاستعارة المكنية.

مثلاً: حين نقول للولد: كنْ مع والديك كفرخ الطّير الذي يخفض جناحيه تذلُّلاً تحت صدر أمّه أو جناحها. فإنَّ الولد يلمس أنّ المراد مطالبته بأنّ يتواضع لوالديه كتواضع الذليل ذي الحاجة إلى الأمن والدفء والرزق، ولكن يلمس هذه المعاني فاصل ساتر التشبيه.

فإذا حذفْنا أداة التشبيه، وجعلناه تشبيهاً بليغاً، لَمَس المراد نفسه، إلاَّ أنّه شعر قليلاً بزيادة كثافة الفاصل.

ثمّ إذا قُلنا له كما جاء في القرآن في سورة (الإسراء/١٧ مصحف/٥٠ نزول) :

<<  <  ج: ص:  >  >>