للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البديعة المعنوية (١٦) : المزاوجة]

يقال لغة: زاوج بين الشيئين، إذَا قَرَنَ بينهما.

والمزاوجة في الاصطلاح هنا: تَرْتِيبُ فِعْلٍ واحد ذي تَعَلُّقَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَلى شَرْطٍ وَجَزَائِهِ، لكنّه إذْ يُرَتَّبُ على الشرط يكون مقروناً بأحدهما، وإذْ يُرتّبُ على الجزاء يكون مقروناً بالآخر منهما.

أمثلة:

المثال الأول: قول البحتري يشكو هجْرَ سُعاد له:

إِذَا مَا نَهَى النَّاهِي فَلَجَّ بيَ الْهَوَى ... أصَاخَتْ إلَى الْوَاشِي فَلَجّ بهَا الْهَجْرُ

أي: إذَا نَهانِي الناهي عن حُبِّها فَلَجَّ (أي: تَمادَى) بِيَ الْهَوَى أصاخَتْ هي إلى الواشي (أي: اسْتَمَعَتْ إليه) فَلجّ بهَا الهَجْر.

لقد زاوَجَ بَيْنَ نَهْيِ الناهي له عن حُبِّها الواقع في كلامه شرطاً، وبين إصاخَتِها للواشي به، الواقع في كلامه جزاءً، في أنْ رَتّبَ عليهما لَجَاجاً، لكنّ اللّجَاجَ الأول هو لَجَاجُ هواه بها، واللَّجَاجَ الآخر هو لَجَاجُها بهجره. وهذا فنُّ بديع.

المثال الثاني: قول البحتريّ أيضاً من قصيدة يَمْدَحُ بها المتوكّل على الله، وفيها يَصِفُ فُرْسَانَ حَرْبٍ ثائرة للأخذ بالثأر من ذوي قُرْبَاها:

إِذَا احْتَرَبَتْ يَوْماً فَفَاضَتْ دِمَاؤُهَا ... تَذَكَّرَتِ الْقُرْبَى فَفَاضَتْ دُمُوعُها

<<  <  ج: ص:  >  >>