فإذا كانت هذه الجماليّات البديعة على اختلافها في الكلام أو في الأجسام، أو في غير ذلك منْ كلِّ ما يُرى أو يُسْمَعُ أو يُدْرَكُ بالفكر مصطنعةً متكلّفة، مُكْرَهةً إكراهاً على الدخول في مواضع غير ملائمة لها، أو مكْدُوسة كدْساً دون حسّ جماليّ رفيع، أعطت تأثيرات عكسيّة وربّما أفسدت الجوانب الجميلة الَّتي كانت تُلْحَظُ في المزيَّنِ بها قبل إضافتها للتزيين بها.
فالبدائع الجمالية لا تُضافُ اعتباطاً دون حسٍّ رفيع بالجمال، ولإِضافتها شُروطٌ بالغة الأهميّة، ومن أوائل شروطها وأهمها ما يلي:
الإِتقان البالغ، والطَّبَعِيَّة، والتِّلْقائية، وإخفاء قصد التجميل والتزيين بها، حتَّى لا يَشْعُر ذوّاقو الجمال الملاحظون لها في نظراتهم الأولى أنّها مصنوعة بتكلُّف، بل يشعرون أنَّها واردة بتِلْقائيّة السلوك المعتاد.
وما اكتشفه البلاغيون من هذه البدائع لا نعتبره اكتشافاً جامعاً كليّاً وحاصراً، فالبدائع الجماليّة يصعُبُ إحصاؤها كلّها، وهي قابلة للإِضافات الابتكاريَّة الَّتي تتفتَّق عنها مواهبُ المبدعين.
***
[(٢) تعريفات]
تعريف البديع لغةً واصطلاحاً:
البديع في اللُّغة: كلمة "بديع" على وزن "فعيل" تأتي لغة بمعنى اسم الفاعل، وبمعنى اسم المفعول.
يقال لغةً: بَدَعَ فلانٌ الشيءَ يَبْدَعُهُ بَدْعاً إذا أنشأه على غير مثال سبَقَ، فالفاعل للشيء بَدِيع، والشيء المفعول بديع أيضاً.