على أنه يمكن حمل الابتداءِ في البسملةِ على الحقيقي، وهو كون الشيء قبلَ كلِّ شيءٍ، وفي الحمدلةِ على الإضافي، أي: بالنسبة لما بعدها، ولم يُعكسْ؛ لأن ما تقدَّم هو الموافقُ للكتابِ والإجماعِ.
(ربِّ العالمين)
هذا اللفظِ، ولا بالحمد لله خصوصَ هذا اللفظِ، بل مجرَّد الذِّكْر، وهو حاصلٌ بكلٍّ منهما وبغيرِهما، فهو مِن حَمْل المقيَّد على المُطلَق بإلغاءِ قَيْدِه، ومحلُّ حَمْلِ المُطلَق على المقيَّد إذا لم يكن المقيَّدُ مقيَّدًا بقيدَيْن متنافِيين، أمَّا إذا كان كذلك، حُمل المقيَّد على المُطلَق؛ لأنَّ القيدَيْن يتعارضان، فيتساقطان، ويُرجَع إلى المُطلَق، وهذا الجوابُ يُفيد أنَّ ذهابَ البركةِ لا يتوقَّف على إحدى الصِّيغتَيْن، فضلًا عن الجمعِ بينهما.
(على الحقيقي) أي: على الابتداءِ الحقيقيِّ، فحصل بالبسملةِ.
(ولم يعكس) للقرآنِ العزيزِ (لأنَّ ما تقدَّم) مِن حديثِ البسملةِ، وقوله:(هو الموافقُ للكتابِ) لأنَّه بيَّنَه، فهو مبيِّن لكيفيَّة البَداءةِ بها، وهذا الجوابُ يُفيدُ أنَّ ذهابَ الأجذميَّة يتوقف على الجَمْعِ بينَهما على هذا الوجهِ المذكورِ، فلا يكفي أحدُهما ولا غيرُهما ولا هما على غيرِ هذا الوجهِ. وبعضُهم وجَّه تقديمَ البسملةِ، بأنَّها تتضمَّن الحمدَ؛ لأنَّ فيها ثناءً على اللهِ بصفةِ الرحمةِ.
(ربِّ) بالجرِّ، ويجوز قطعُه إلى الرفْعِ والنصبِ في غيرِ القرآن، أى: عربيةً لا قرآنًا؛ لأنَّ القراءةَ سنَّةٌ متَّبعةٌ، وليس للقياسِ في القرآنِ مَدخلٌ، وهو صفةٌ مشبَّهةٌ مِن: ربَّه يَربُّه، بمعنى: ساسَه ودبَّره، فهو ربٌّ، كما يقال: نَمَّ يَنُمُّ، فهو نمٌّ (١)، فعلى هذا وزنه فَعْلَ، وقيل: فاعل، حُذفت ألفُه؛ لكثرةِ الاستعمالِ، ورُدَّ بأنَّه خلافُ الأصلِ، وهو مِن أسماءِ اللهِ تعالى،