للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أي: خالقِ جميعِ الخَلْقِ ومالكِهم ومربِّيهم. والربُّ في الأصلِ مصدرٌ بمعنى التربيةِ والملك.

ولا يُطلَق على غيرِه إلَّا مقيَّدًا كربِّ الدارِ، ومنه: ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٥٠] (١).

(أي: خالق جميع الخلق … إلخ) أشار بهذا التفسيرِ إلى معناه في اصطلاحِ المتكلِّمين: مِن الإنسِ والجِنِّ والملائكةِ والدوابِّ وغيرِهم، إذ كلٌّ منها يُطلَق عليه عالَم الإنس، عالَم الجنِّ، إلى غيرِ ذلك.

وسُمِّي المالك بالربِّ؛ لأنَّه يَحفظ ما يَملِكه ويُربِّيه. والربُّ في الأصلِ مصدرٌ بمعنى التربيةِ، قال الزُّرقانيُّ: فهو مشترك بين الصفةِ المشبَّهة والمصدرِ. وفيه نظرٌ؛ لأن الشارحَ لم يُجوِّزِ الأمرين، كما هو قاعدةُ المشتَرك، وكان الأَولى ترك قولهِ في الأصل هنا، وذِكْره في الأوَّل أيضًا، والحاصلُ حكايةُ قولين، قولٌ في أصله، واختار البيضاوي (٢) الثاني وقدَّمه، عكس ما فعَل الشارحُ، كـ: "الكشَّاف" (٣)؛ لأنَّ جَعْله مصدرًا أَقوى، إمَّا معنًى؛ فلأنَّه أبلغُ، وإمَّا لفظًا؛ فلأنَّ جَعْلَه صفةً يُحوِجُ إلى تكلُّف جعلِ المتعدِّي لازمًا.

لا يقال: يَلزم مِن الوصفِ بالمصدرِ وصفُ الذاتِ بالحَدَث، وهي لا تُوصَف به؛ لأنَّا نقول: وصفُه بالمصدرِ للمبالغةِ، كما وُصف بالعدل.

والتربية: هي تبليغُ الشيءِ إلى كَماله شيئًا فشيئًا. ياسين، مع زيادةٍ.

قوله: (بمعنى التربية) أصلُ التربيةِ نَقْلُ الشيءِ مِن أمرٍ إلى آخرَ حتى يصلَ إلى غايةٍ أَرادها المربِّي، ثم نُقِل إلى المالِك والمُصلِح؛ للزومِ التربيةِ لهما غالبًا، وهو اسمُ جمعٍ،


(١) "الكشاف" للزمخشري ١/ ٥٣ بنحوه.
(٢) "تفسير البيضاوي" ١/ ٢٦.
(٣) للزمخشري ١/ ٥٣.