والخصوصُ الوجهيُّ. فالتساوي: هو أن يَصدُق كلٌّ منهما على كلِّ ما صَدق عليه الآخرُ. والتباينُ: هو أنْ لا يَصدُق واحدٌ منهما على شيءٍ ممَّا صَدق عليه الآخرُ. والعموم والخصوصُ الوجهيُّ: هو أن يَصدُق كلٌّ منهما باعتبار تلك الجهةِ على ما يَصدُق عليه الآخرُ باعتبارِها وزيادةٍ. والعمومُ والخصوصُ المُطلَق: هو أن يَصدُق أحدُهما على كلِّ ما صدَق عليه الآخرُ وزيادة.
فإن قلتَ: لِمَ كان التعرُّض لِمَعنى الشُّكرِ بعد بيانِ الحمدِ كالمتفقِ عليه عند المصنِّفين، وإن كان الذي بُدئَ به الكتبُ هو الحمدَ خاصَّةً؟
أجابَ البُرُلُّسيُّ: بأنَّه لمَّا كان قريبًا مِن الحمدِ في المعنى، وقرينًا له في غالب كُتب المصنفين، كان المقامُ بعد بيانِ الحمدِ مَظِنَّة أنْ يقعَ في ذهنِ السامعِ أنَّ الشُّكرَ ماذا؟ وهل هو هذا؟ فسَّروه وبيَّنوا الفَرقَ بينهما؛ تخليصًا للسامعِ مِن وَرْطَة الحَيرةِ.
(صرف العبد جميع) أي: أن يستعمل العبدُ أعضاءَه ومعانيَه فيما طَلب الشارعُ استعمالَها فيه، مِن صلاةِ وصومٍ وسماعِ نحوِ عِلْمٍ وهكذا، سواءٌ كان ذلك في وقتٍ واحدٍ -إنْ أمكنَ- أو في أوقاتٍ متفرِّقة.
أُورد على التعريفِ: أنَّه إِنْ أُريد أنَّ صَرْف جميعِ ما أَنعم اللهُ تعالى به الى جميعِ ما خُلِق لأجلِه في جميع الأزمانِ، لزمَ أنْ لا يُوجدَ شكرٌ أبدًا؛ إذ لا يَقدِرُ أحدٌ على ذلك، مع أنَّه تعالى يقول: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور﴾ [سبأ: ١٣] فأثبتَ وجودَ الشكرِ قليلًا، وإنْ أُريد إلى جنسِ ما خُلِقَ لأجلِه، فهذا أمرٌ سهلٌ لا يُوجِب قلَّةَ الشكرِ؛ لحصولِ المقصودِ بالصَّرْف إلى شيءٍ مما خُلِق لأَجله؟.
وأُجيب: بأن المرادَ صَرْفُ جميع ما أنعمَ اللهُ به عليه إلى جميع ما خُلِق لأَجله في جميع الأزمانِ، إلا أنَّ المرادَ بجميعِ ما خُلِقَ لأَجله جميعُ ما كُلِّف به وطُلب منه، وجوبًا أو