ندبًا لا مُطلَقًا، وهذا ممكنٌ مقدورٌ، وإنْ كان قليلًا، قال ابنُ قاسمٍ: وأَقول: ينبغي أنَّه إذا صُرف الجميعُ إلى الجميعِ في وقتٍ، وتُرك في غيرِه، حصل الشكرُ في ذلك الوقتِ. وهذا معنى قولِهم: أو في أوقاتٍ متفرِّقة.
وقوله:"إلى جميعِ ما" أي: شيء (خُلق) ذلك السمعُ وغيرُه.
وقوله:(لأجله) من أنواع الطاعاتِ التي هي سببٌ في الجمعِ على اللهِ، المقصود منها أي: لأَجل إنعامِه بذلك عليه، كأنْ يَصرفَ السمعَ إلى تلقِّي ما ينبني على مرضاتِه مِن الأوامرِ، وما يَنبني على اجتناب مَساخطِه مِن النواهي، ثم يستعمل الآلاتِ في امتثالِ الأوامرِ والنواهي، ويُقاسُ على استعمالِ الآلاتِ سائرُ النِّعم الظاهرةِ والباطنةِ.
لا يقال: إنَّ استعمالَ الآلاتِ يقتضي أنَّه لا بُدَّ أن يَصدُرَ منه فعلٌ، وذلك غيرُ متأتٍّ في جانبِ النواهي؛ لأنَّ الحاصلَ فيه التركُ، هذا وقد أوردَ على ذلك القِيل ابنُ قاسمٍ أنَّ المكلَّف به في النهي كفُّ النفسِ، وهو فِعْل؟ قلنا: كفُّ النفسِ إنَّما يُحتاج إليه في ترتُّب الثواب، بخلافِ رَفْع الإثمِ، فإنَّه يحصُلُ بالتَّرْك مع الغَفْلة، وعدمِ حَبْس النفسِ، وقَصْد التركِ امتثالًا، فإنَّ مَن لم يتناولِ الخمرَ لا إثمَ عليه، وإنْ لم يُلاحِظ تَرْكَها امتثالًا، أو لَمْ يَخطر له شَأنُها بالكليَّة، وكأنَّ التقييدَ بالآلاتِ؛ لأنَّ غالبَ امتثالِ التكاليفِ بالآلاتِ، وإلَّا فقد يكونُ بالقلبِ أو آلتِه.
(١) في هامش (ح): "لما" نسخة، وجاءت في "فتح مولي المواهب": "إلى جميع ما".