للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والشكر لغةً: هو الحمد العُرفيُّ.

تبعه، وليس في كلامِ المتقدِّمين، كما يُعلم مِن كلامِ الغُنَيمي (١) في بعضِ تعاليقه، وإنما لم يُذكَر في التعريف سواء كان ذِكْرًا باللسانِ، أو اعتقادًا بالجَنان، أم عَملًا بالأركان؛ لأنَّه ليس مِن التعريف، بل يُؤتَى بذلك لبيانِ التعظيمِ في المورد، فموردُه عامٌّ، ومتعلَّقُه خاصٌّ، أعني: النعمةَ الواصلةَ الى الشاكرِ أو غيرِه، وذاك بالعكسِ، فبينهما العمومُ والخصوصُ الوَجْهيُّ؛ لاجتماعِهما في ثناءٍ بلسانٍ على نعمةٍ، أي: الحمدُ اللغويُّ وانفرادُ الحمدِ اللغويِّ في ثناءٍ بلسانٍ لا على نعمة، وينفردُ الحمدُ العرفيُّ في ثناءٍ بغيرِ لسانٍ على نعمةٍ.

(هو الحمدُ العرفيُّ) أي: بعد إبدالِ الحامدِ بالشاكرِ، ويتحصَّل من ذلك ستَّةُ نِسَبٍ، وذلك بأنَّ الشُّكرَ الاصطلاحيَّ بينه وبين الحمْدَين والشكرِ اللغويِّ، عمومٌ وخصوصٌ مُطلَق، فهذه ثلاثُ نِسَبٍ، وبين الشكرِ اللغويِّ والحمدِ العرفيِّ التساوي، فهذه نسبةٌ رابعةٌ، وبين الحمدِ اللغويِّ والاصطلاحيِّ والحمدِ والشكرِ اللُّغوَييْن العمومُ والخصوصُ الوجهيُّ، فهاتان نِسْبتانِ، ونظَم ذلك على هذا المنوالِ العلَّامة الأُجْهوري (٢) فقال:

إذا نُسبا للحمدِ والشكرِ رُمْتَها … بوجهٍ له عقلُ اللبيبِ يُوالفُ

فشكرٌ لِذي عُرفٍ أخصُّ جميعها … وفي لغةٍ للحمدِ عُرفًا يُرادفُ

عمومٌ لوجهٍ في سواهنَّ نسبةٌ … فذي نسبٌ ستٌّ لِمَن هو عارفُ

"تنبيه": النِّسبُ أربعٌ: التساوي، والتباينُ، والعمومُ والخصوصُ المُطلَق، والعمومُ


(١) هو: شهاب الدين، أحمد بن محمد بن عليّ، فقيه باحث من أهل مصر، له شروح وحواش في الأصول والعربية وفي الأدب والمنطق والتوحيد منها: "نقش تحقيق النسب"، "بهجة الناظرين في محاسن أم البراهين". (ت ١٠٤٤ هـ). "خلاصة الأثر" ١/ ٣١٢، و"الأعلام" ١/ ٢٣٧.
(٢) هو: عبد البر بن عبد الله بن محمد بن علي بن يوسف الأُجهوري، المصري، الشافعي، فقيه متكلم، من مؤلفاته: "حاشية على شرح المنهاج"، و "فتح القريب المجيد بشرح جوهرة التوحيد". (ت ١٠٧٠ هـ). "خلاصة الأثر" ٢/ ٢٩٨، و"معجم المؤلفين" ٢/ ٤٥.