ذي بالٍ لا يُبدأُ فيه ببسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فهو أَبترُ" أي: ذاهبُ البركةِ، رواه الخطيبُ بهذا اللفظِ في كتابهِ "الجامع" (١).
(الحمدُ لله) أي: الوصفُ بالجميل الاختياريِّ
وأُجيب: بأنَّ الوضوءَ له اعتباران، فهو مقصودٌ في نفسِه، ووسيلةٌ إلى غيرِه، فطُلِبَ الابتداءُ فيه بالبسملةِ من حيث إنه مقصودٌ في نفسِه على أنَّ الوضوءَ ليس وسيلةً لنحوِ الصلاةِ دائمًا. شيخنا محمد الخلوتي.
(ذي بال … إلخ) البَالُ يُطلَق ويُراد به الحالُ والشأنُ، يقال: أمْرٌ ذو بالٍ، أي: ذو شرفٍ وشأنٍ يُهتَمُّ به شرعًا، ويُطلَق ويُراد به القلبُ، فعليه إنْ حُمِل على معنى ذي قلبٍ، فوجْهُ الكلامِ أنَّ الأمرَ لكونِه شاغلًا قَلْبَ صاحبِه عن سائرِ الأمورِ، كأنَّه كان صاحبًا له ومالكًا إيَّاه. وإن حُمِلَ على معنى ذي خطرٍ وشرفٍ، فتوجيهُ الكلامِ أنَّه شبَّه الأمرَ بشخصٍ ذي قلبٍ، وذكرَ المشبَّه -وهو الأمرُ- وحَذف المشبَّه به- الذي هو الشخصُ- فالأمرُ أو الشخصُ أو التشبيهُ المضمَرُ استعارةٌ بالكنايةِ على الخلاف، ولازمُ المشبَّه به -وهو ذو بالٍ- وإثباتُه للمشبَّه استعارةٌ تخييليَّة، وذِكرُ ما يُلائم المشبَّه به -وهو الأبتر والاجذَم- في التشبيهِ البليغِ ترشيحٌ، إما باقيًا على حقيقتِه، أو أنَّه مجازٌ عن نقصانِ البركةِ على طريقةِ الاستعارةِ التصريحيَّة؛ لأنَّه أطلق لفظَ المشبَّه بهِ -وهو الأجذَم مثلًا- على نقصانِ البركةِ، على الخلاف في التشبيهِ البليغِ، هكذا ينبغي أن يُحقَّق لفظُ هذا الحديثِ الشريفِ. ياسين.
(أي: الوصف) هو الذِّكْر باللسانِ.
(بالجميلِ الاختياريِّ) يُوهِم أنَّه يُشتَرط في المحمودِ به كونُه اختياريًّا، مع أنَّه مردودٌ، إذْ لا يُشتَرط فيه الاختيارُ إلا في المحمودِ عليه، فلو قال: الوصفُ بالجميلِ الاختياريّ، لَكان
(١) "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (١٢٣٢) من حديث أبي هريرة، وضعفه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" ٣/ ٢٨١.