للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تُجزِئ إلَّا مِن ذَكَرٍ، عَدْلٍ،

الإعلام. فإن شقَّ، كان أذَّن في منارة، أو مكانٍ بعيد عن المسجد، أقام في المسجد؛ لِئلا يفوتَه بعضُ الصلاة، لكن لا يقيمُ إلَّا بإذن الإمام.

(ولا يُجزئ) أي: لا يصحُّ أذانٌ (إلَّا مِن ذَكَرٍ) واحدٍ (عَدْلٍ) ولو ظاهرًا، فلو أذَّن واحدٌ بعضَه، وكَمَّله آخرُ، أو أذَّنتِ امرأةٌ،

(ولا يجزئ إلَّا، من ذكرٍ عدلٍ) شرط في "المنتهى" (١) في المؤذِّنِ الذي يُعْتَدُّ بأذانِه ثلاثة شروطٍ، وهنا شرطان، إلَّا أن الشرطَ الثاني فيه شرطان باللازم، إذْ يَلْزَمُ من العدالةِ الإسلامُ والعقلُ، إذْ غيرُ المسلمِ لا يوصفُ بالعدالةِ، وغيرُ العاقلِ كذلك.

الشرطُ الأوَّل: كونُه مسلمًا؛ لكونِه قُرْبَة يُشتَرطُ لها النِّيَّةُ، وهي لا تصحُّ من الكافرِ.

الثاني: كونه ذكرًا. قال في "الفروع": ولا يُعْتَدُّ بأذانِ امرأةٍ، وفاقًا (٢)، ولا خنثى، [قال جماعةٌ]: ولا يَصِحُّ؛ لأنَّه منهيٌّ [عنه، كالحكاية]، وظاهرُ كلامِ جماعةٍ: صحَّتُه؛ لأنَّ الكراهةَ لا تمنعُ الصحَّة، فيتوجَّهُ على هذا: بقاءُ فرض الكفاية، لأنَّه لم يُفعل (٣)، والمذهبُ الأوَّل.

الثالث: كونُه عاقلًا، فلا يصحُّ من مجنونٍ؛ لأنَّه لا قصدَ له، فعباداتُه كلُّها غيرُ صحيحةٍ. وقولُه: فلا يعتدُّ بأذانِ فاسقٍ؛ لأنَّ النبيَّ وَصَفَ المؤذِّنين بالأمانةِ، والفاسقُ غيرُ أمينٍ، فلم يَصِحّ منه أذانُه، وفيه روايةٌ؛ بلى. وهذا الخلافُ فيمن هو ظاهرُ الفِسق، فأمَّا مستورُ الحال، فيَصِحُّ أذانُه، بغيرِ خلافٍ نعلمُه. "منتهى" و"شرحه" (٤) (أو أَذَّنتِ امرأةٌ) أي:


(١) ١/ ٤٠.
(٢) جاء في "الفروع" ٢/ ١٩: ولا يعتدُّ بأذان المرأة (هـ). انتهى. فرمز له ابنُ مفلح بـ (هـ) أي: خلافًا لأبي حنيفة، فلعلها تحرفت من (هـ) إلى (و) -أي: وفاقًا- والصواب أن الحنفية خالفوا، فأذان المرأة عندهم صحيح، لكنه مكروه، ويستحب إعادته. ينظر "حاشية ابن عابدين" ١/ ٢٩٢ - ٢٩٣.
(٣) وقع في الأصل تقديمٌ وتأخيرٌ. والتصويب من "الفروع" وما بين حاصرتين منه.
(٤) "معونة أولي النهى" ١/ ٥٣٤، وينظر "شرح منتهى الإرادات" ١/ ٢٧٠.