للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في مكانه إن سَهُلَ.

فأراد المؤذِّن أن يقيمَ، فقال أحمد: لو أعاد الأذانَ كما صنع أَبو مَحْذُورة (١)، فإن أقام بلا إعادة، فلا بأس. قاله في "المبدع" (٢).

(في مكانه) أي: يُسنُّ أن يُقيمَ في مكانِ أذانه (إن سَهُل) عليه؛ لأنَّه أبلغُ في

الأذانَ استحبابًا، قاله في "الإنصاف" (٣).

(فأرادَ المؤذِّنُ … إلخ) أي: الراتبُ المسبوقُ بالأذانِ.

(لو أعاد الأذان) جوابُ "لو" قولُه: "فلا بأس"، وجوابُ قولِه: "فإن أقام" محذوفٌ دلَّ عليه المذكورُ، أعني: "فلا بأس"، وتقدَّمَ نظيره في الحيض.

(في مكان) واحد أي: ويسنُّ أيضًا كونُ الأذانِ والإقامةِ بمحلٍّ واحدٍ، بأنْ يُقيمَ الصلاةَ في الموضعِ الذي يؤذِّنُ فيه؛ لقولِ بلالٍ للنبيِّ : لا تَسْبِقني بـ "آمين" (٤). لأنَّه لو كانَ يقيمُ في المسجدِ لما خافَ أنْ يسبقَه بها، كذا استنبطَه الإمامُ أحمد، ولأنَّه أبلغُ في الإعلامِ، كالخطبةِ الثانيةِ.

ومحلُّ ذلك إنْ سَهُل، فإنْ شقَّ ذلكَ على المؤذِّنِ، بحيثُ يؤذِّنُ في المنارةِ، أو في مكانٍ بعيدٍ منَ المسجدِ، فيقيمُ في غيرِ موضعِه، فيؤذِّنُ بالمنارةِ، ويقيمُ أسفل.

قال صاحب "المنتهى": قلت: وهو الصوابُ، وعليه العملُ في جميعِ الأمصارِ والأعصارِ، ونقلَ جعفر (٥) بن محمَّد: يستحبُّ ذلك؛ ليلحقَ "آمين" مع الإمام. دنوشري.


(١) ورد في حاشية الأصل: "يعني لكان أحسن". وأَبو محذورة: هو أوس بن مِعْيَر، لم يهاجر، بل أقام بمكة إلى أن مات، روى عن النبي أنَّه علَّمه الأَذانَ، وقصتُه في "صحيح" مسلم وغيره. (ت: ٥٩ هـ، وقيل: ٧٩ هـ). "الإصابة" لابن حجر العسقلاني ١٢/ ١٢.
(٢) ١/ ٣٢٣.
(٣) ٣/ ١١٣.
(٤) أخرجه أَبو داود (٩٣٧)، وهر عند أحمد (٢٣٨٨٣).
(٥) في الأصل: "أَبو جعفر" وهو خطأ، والتصويب من "مطالب أولي النهى" ١/ ٥٣٢ - والكلام منه-، و"الإنصاف" ٣/ ٨٤.