للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يا رسولَ اللهِ، إنِّي أستحاضُ فلا أطهر، أفأدع الصلاةَ؟ فقال النبي : "إنَّما ذلك عِرْقٌ وليس بالحيضةِ، فإذا أقبلت الحيضةُ، فدعي الصلاةَ، وإذا أدبرت، فاغسِلي عنكِ الدمَ وصلِّي" متفقٌ عليه (١). وإذا عرفَت التمييزَ، وصلَحَ الدمُ الأسودُ أو الثَّخينُ أو المنتِن أن (٢) يكونَ حيضًا، بأنْ لم يُجاوز أكثرَ الحيضِ، ولم ينقصْ عن يومٍ وليلةٍ؛ لأنَّ التمييزَ أمَارةٌ بنفسه، فلم يحتجْ إلى ضمِّ غيرِه، كالعادةِ، فإنَّها "تَجلِسه ولو لم يتوالَ" كأنْ ترى يومًا أسودَ، ويومًا أحمرَ، ويومًا أسودَ، ويومًا أحمرَ، وهلمَّ جرًّا، فإنها تضمُّ الأسودَ، فيصيرُ خمسَةَ عشَرَ يومًا من كلِّ شهرٍ، فيكونُ حيضًا، وزمنُ الدمِ الأحمرِ استحاضة، وكذا لو كانت ترى تسعةَ أيامٍ أحمرَ، ثم يومًا أسودَ، ثم تسعة أحمرَ، ثم يومًا أسودَ، ثم تسعة أحمرَ، ثم يومًا أسودَ، فإنَّها تضمُّ أيامَ الأسودِ الثلاثةَ إلى بعضِها، فيكون حيضُها ثلاثة من كلِّ شهرٍ. "أو" لم "يتكرَّر" يعني: أن دَلالةَ التمييزِ لا تحتاجُ إلى تَكرار، وهو ظاهرُ كلام الإِمامِ أحمد والخِرَقيِّ، واختاره ابنُ عقيل، لأنَّ معناه أنْ يتميَّزَ أحدُ الدَّمين عن الآخَر في الصِّفة، وهذا يوجد بأوَّل مرَّة، فعلى هذا إذا رأت في كل شهرٍ خمسة أحمرَ، ثم خمسةً أسودَ، ثم الباقي أشقرَ، جلسَت زمانَ الأسودِ، ثم تجلسُه في الشهر الثاني والثالثِ والرابعِ ولو لم يتكرَّر، ما لم يجاوزْ أكثرَه. والتمييزُ يحصلُ بأحد أُمورٍ ثلاثةٍ: بالثَّخين، أو الأسودِ، أو المنتِنِ، وما عداه استحاضة، فيصيرُ حكمُها حكمَ الطَّاهراتِ؛ لما ذكرناه، فتغتسلُ عند انقطاعِ الأوَّل، وتصومُ وتتوضَّأ لوقتِ كلِّ صلاةٍ، كما سيأتي التنبيهُ على ذلك.

الحالُ الثاني: أن تكونَ غيرَ متميِّزة، واليه أشار صاحبُ "المنتَهى" (٣) بقوله: "وإلَّا" أي: وإنْ لم يكن دمُ المبتدأةِ التي جاوز دمُها أكثرَ الحيضِ متميِّزًا، بأن كان كلُّه على منوالٍ


(١) سلف تخريجه ص ٣٥٤.
(٢) في الأصل: "لا" وهو خطأ.
(٣) ١/ ٣٥، وما قبله كان شرحًا لعبارة "المنتهى".