للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"وإنْ جاوزه" (١) هذا مفهومُ قولِه فيما تقدَّم في الشَّرح: "فإذا انقطعَ ولم يجاوز أكثرَه" فإذا جاوزَ دمُ المبتدأةِ أكثرَ الحيضِ، فهي مستحاضةٌ؛ لأنَّ دمَها كلَّه لا يصلحُ أنْ يكونَ حيضًا، لمجاوزته أكثرَ الحيضِ، ولا يصلحُ أن يكونَ نِفاسًا. وحكمُها حكمُ الطَّاهراتِ في وجوب العباداتِ. والاستحاضةُ: سَيَلانُ الدمِ في غير وقتِه من العِرْق العاذلِ، بالذَّال المعجَمةِ، وقيل: المهمَلة، حكاهما ابنُ سِيْده (٢)، والعاذرُ لغةٌ فيه، يَخرج من أدنَى الرَّحم دون قعرِه؛ إذ المرأةُ لها فَرْجان: داخلٌ بمنزلة الدُّبُر، منه الحيضُ، وخارجٌ كالأليتين، منه الاستحاضةُ. ويُعتبر في حقِّها تكرارُ الاستحاضةِ، نصًّا، فتجلسُ قبلَ تكرارِه أقلَّه، كما ذكره في "الإقناع" (٣).

ثم هي لا تخلو من حالتين:

إمَّا أنْ يكونَ دمُها متميِّزًا، أو غيرَ متميِّز، فإنْ كان متميِّزًا، فقد أشارَ إليه صاحبُ "المنتهى" (٤) بقوله: "فما بعضُه" أي: بعضُ دمِ المبتدأَة التي جاوزَ دمُها أكثرَ الحيضِ "ثخينٌ" وبعضُه رقيقٌ "أو" بعضُه "أسودُ" وبعضُه أحمرُ "أو" بعضُه "منتِنٌ" وبعضُه غيرُ منتنٍ، وحينئذٍ يكونُ حيضُها زمنَ الدمِ الثخينِ والأسودِ والمنتِن، إذا "صلَحَ" أن يكونَ كلٌّ مِن ذلك "حيضًا" بأنْ لم يَزد على أكثر الحيضِ، ولم ينقصْ عن أقلِّه، فإنَّها "تجلسُه" أي: تدعُ الصومَ والصلاةَ والاعتكافَ؛ لأنَّ ذلك فعلٌ تُشترط له الطهارةُ، فإذا مضَى، اغتسلَت وصلَّت؛ لِما روت عائشةُ قالت: جاءت فاطمةُ بنتُ أبي حُبَيش (٥) إلى رسول اللهِ فقالت:


(١) هذه عبارة "المنتهى" ١/ ٣٥.
(٢) هو أبو الحسن علي بن إسماعيل المرسي، الضرير، إمام اللغة، صاحب كتاب "المحكم" في لسان العرب، أحد من يضرب بذكائه المثل. (ت ٤٥٨ هـ). "السير" ١٨/ ١٤٤.
(٣) ١/ ١٠٣.
(٤) ١/ ٣٥.
(٥) في الأصل: "جحش" وهو خطأ.