للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

واعلمْ أن المبتدأةَ بدمٍ، أو صُفْرةٍ، أو كُدْرةٍ، وهي التي ابتدأ بها شيءٌ من ذلك بعد تسعِ سنين فأكثر، تجلسُ بمجرَّد ما تراه أقلَّه، ثُمَّ تغتسل وتصلِّي.

لأنّه لا يرِدُ لأكثره تحديدٌ من الشَّرع، ولا نعلمُ له دليلًا؛ ولأنَّ من النساءِ مَن لا تحيضُ أصلًا. قال في "شرح الهداية": نعم يُحَدُّ أكثرُه عند الضَّرورة -في حقِّ مَن استمرَّ بها الدمُ ولا عادةَ لها ولا تمييزَ- بما دون الشَّهر، وهو بقيَّتُه بعد القدْر الذي تجلسه. ح ف. مع زيادة.

(واعلَمْ أن المبتدأَة إلخ) إنَّما تُذكر كلمةُ "اِعْلَم" في أوَّل الكلامِ؛ تنبيهًا للمخاطَب إلى أن ما بعدَه واجبُ الحفظِ، واهتمامًا بشأنه. والغرضُ منه بيانُ ما يتعلَّق بالمبتدأة من الأحكام. وهي التي رأت دمَ الحيضِ في زمنٍ يُمكن أنْ يكونَ حيضًا، وهو تمامُ تسعِ سنين، ولم تكن حاضت من قبلُ؛ ولذا سمِّيت مبتدأةً، ولا فرقَ بين الأسودِ والأحمرِ والصُّفرةِ والكُدْرةِ. (تجلس) أي: تدعُ الصلاةَ والصيامَ والطوافَ، وكلَّ فعلٍ يُشترط له الطهارةُ، بمجرَّد ما تراه، أي: برؤية الدمِ أو الصُّفرة أو الكُدرة. وهو من المفرَدات. قال ابنُ نصرِ اللهِ في "حاشية الزَّركشي": ظاهرُ كلامِ المصنِّف -أعني "المنتهَى" (١) - والأصحابِ أن المبتدأةَ تجلس يومًا وليلةً، سواء كان دمُ حيضِها متميِّزًا أو لا، وقد "يقال: إنما تجلسُ يومًا وليلةً إذا لم يكن دمُها متميِّزًا، فإنْ كان متميِّزًا، جلست مدَّتَه، فإن انقطعَ لدون خمسةَ عشَرَ يومًا عَمِلت عليه، وإنْ زاد عليها، كانت مستحاضةً. ح ف. (ثم تغتسلُ) عقبَ اليومِ والليلةِ ولو لم ينقطعْ دمُها (وتصلي) لأنَّه آخرُ حيضِها حكمًا، أشبهَ آخِرَه حِسًّا؛ لأنَّ المانعَ منها هو الحيضُ، وقد حُكم بانقطاعه، ولأن العبادةَ واجبةٌ في ذمَّتها بيقين، وما زادَ على أقلِّ الحيضِ مشكوكٌ فيه؛ لاحتمال أن يكونَ استحاضةً، فلا نُسقطها بالشكِّ، ولو لم تجلسْ [الأقلَّ] (٢) لأدَّى إلى عدم جلوسِها أصلًا. وليس لها أن تصلِّيَ قبل اغتسالِها للحيض؛ لكونه


(١) ١/ ٣٤.
(٢) ما بين حاصرتين زيادة من "كشاف القناع" ١/ ٢٠٤.