للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما فيه من شَعر خفيفٍ، وظاهرَ الكثيفِ، ويخلِّلُ باطنَه،

(و) يغسل وجوبًا (ما فيه) أي: في وجهه (من شَعَر خفيف) أي: يصفُ البشرةَ، فيغسل شعور الوجه الخفيفة، ويغسل ما تحتها من البَشَرة؛ لأنَّ مالا يسترُه الشَّعَرُ يشبه الخاليَ، وغسلُ الشَّعَرِ تبعًا للمحلِّ.

(و) يَغْسِلُ وجوبًا من شَعَرِ الوجه (ظاهرَ الكثيف) أي: الساتر للبشرة من لحية وعَنفَقةٍ (١) وشارِبٍ وحاجبين، ولو لأنثى وخُنثى (ويُخلِّل) ندبًا (باطنَه) أي: باطنَ الشَّعَر الكثيف، فيخلِّل لحيتَه الكثيفةَ بكفِّ من ماءٍ يضعُه من تحتِها بأصابعِهِ متشبكة (٢) في اللّحية، أو من جانبها وَيعْرُكها (٣). فإن كان بعضُ شَعَرِه خفيفًا وبعضُه كثيفًا، فلكلِّ حكمهُ.

ولا تَنْكحِي إنْ فرَّقَ الدهرُ بيننا … أغمَّ القفا والوجهِ ليس بأنزعَا (٤)

وقد يُقَال: إنَّهما إنَّما أُطلِق عليهما أنَّهما من الوجه، وقولُ الشاعر من باب المجاز؛ لمجاورتهما إيَّاه. وقال القاضي: هما من الرأس، وهو الصحيح؛ لدخولهما في حدِّ الرأس؛ لأنَّ الرأسَ كل ما تَرأَسَ وعَلا، فعلى القولين ينبغي غسلُهما مع الوجه، ومسحُهما مع الرأس. فتلخَّصَ من هذا أنَّ الصدغَ والتحذيفَ والنَّزَعتان جميعُ ذلكَ من الرأسِ، فيمسحُ معه. انتهى. دنوشري مع زيادة.

(ممَّا يغفُلُ) بابه: نَصَرَ يَنْصُرُ.

(ويغسلُ وجوبًا ما فيه من شعرٍ خفيف) فلا يجزئُ غسلُ ظاهرِ جميعِ شعرِ الوجه من لحية إلخ، حيثُ كانَ ذلك خفيفًا، فيجبُ غسلُ البشرةِ معه؛ لأنَّها غيرُ مستورةٍ بالشعرِ، أشبهت التي لا شَعرَ عليها، ويجبُ غسلُ الشعرِ تبعًا للمحلِّ؛ لأنَّه نابتٌ به، إلَّا أنْ يكونَ


(١) العنفقة: بين الشفة السفلى وبين الذقَن، وهي شعيرات سالت من مقدّمة الشفة السفلى. "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٩٩.
(٢) في (ح) و (ز) و (س): "مشبكة".
(٣) عرك الشيء: دلكه. "القاموس المحيط" (عرك).
(٤) هو لِهُدْبة بن خشرم بن كرز، شاعر فصيح متقدم، من بادية الحجاز، يروي للحطيئة، قُتِل قصاصًا، والبيت من قطعة له قبل قتله يخاطب امرأته، وكانت جميلة. ينظر خبره في "الأغاني" ٢١/ ٢٦٤ وما بعدها، و "خزانة الأدب" ٩/ ٣٣٤، و"عيون الأخبار" ٤/ ١٥.