للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وسُنَّ غَسْلُ باطنِ شَعَرٍ كثيفٍ غيرِ شعر لحيةِ الذَّكَرِ فيخلِّلُها فقط.

ويجب غَسْلُ ما خرج عن حدِّ الوجه من الشَّعَرِ المُسْتَرْسِل؛ لمشاركتِه للوجه في المواجَهة، بخلافِ ما نزل من الرأس؛ لعدم مشاركتِه له في الترؤُّس.

ولا يجبُ غَسْلُ داخل عينٍ لحدث أو نجاسةٍ، بل ولا يُسَنُّ ولو أُمِنَ الضَّررُ، بل يُكره.

الشعرُ كثيفًا، لا يصف البشرةَ، أي: لا تُرَى منه البشرةُ، فيجزئُ غسلُ ظاهرِه حينيذٍ؛ لتعلُّقِ الحكمِ به في الوضوء، دونَ ما تحتَه من البشرةِ؛ لحصولِ المواجهةِ به، ولكنْ يسنُّ تخليلُه، أي: يسنُّ تخليلُ الشعرِ الكثيفِ الذي لا يصفُ البشرةَ. قال في "الإنصاف" (١): يُكرَه غسلُ باطنِ اللحية الكثيفة على الصحيح من المذهب. قال في "الرعاية": ويكرهُ غسلُ باطنِها في الأشهرَ.

(ولا يجب) بل: ولا يسنُّ (غسلُ داخلِ عينٍ) في وضوءٍ ولا غُسْلٍ؛ لأنَّ النبيَّ ما فعلَه، ولا أمرَ به عندهما، وقد فعلَه بعضُ السلف كابنِ عمر، وابنِ عباس؛ لأنَّه يشاركُ الوجهَ في المواجهة به، فحصلَ لهما الضررُ، وانكفَّ بصرُهما في آخرِ عمرهما من المداومةِ على ذلك (٢).


(١) ١/ ٣٣٩.
(٢) خبر كفِّ بصر ابن عمر بسبب غسل عينيه، ذكره ابن قدامة في "المغني" ١٦/ ١٥١، وابن القيم في "زاد المعاد" ٢/ ٤٥، ولم نقف على من خرَّجه مسندًا.
ولكن أخرج مالك في "الموطأ" ١/ ٤٥ أن عبد الله بن عمر كان إذا اغتسل من الجنابة، بدأ فأفرغ على يده اليمنى، فغسلها، ثم غسل فرجه، ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ونضح في عينيه … إلخ. وينظر "الاستذكار" ٣/ ٧٦.
وأما غسل ابن عباس عينيه، وأنه كُفَّ بسبب ذلك، فلم نقف على من ذكره أو خرَّجه، بل إن كلام ابن القيم في "زاد المعاد" يشير إلى عكس ذلك، فقد أورد خبر ابن عمر في معرض التمييز بين ميل ابن عمر إلى التشديد، وميل ابن عباس إلى الترخيص. والله أعلم.