للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما بينَ الأُذنين عَرْضًا،

(و) حَدُّ الوجْهِ (ما بين الأُذنين) أي: من الأُذُنِ إلى الأُذُنِ (عَرْضًا) أي: من جهةِ العَرْضِ، وإنَّما كان ما ذكر حدَّ الوجه؛ لأنَّ به تحصلُ المواجهة، فيدخل فيه عِذَارٌ: وهو شَعَرٌ نابتٌ على عَظْمٍ ناتيء يُسامِتُ صِماخَ الأُذُنِ -بكسر الصَّاد المهملة (١) - أي: خرقَها. وكذا بياضٌ بين عِذار وأذن. نصَّ عليه الخِرَقي (٢). خلافًا لمالكٍ

لأنَّ اللحيةَ تُشارك الوجهَ وتوافقه في معنى المواجهة، بخلاف ما نزلَ من مسترسل شعر الرأس وخرج عنه؛ لعدم مشاركته للرأس في الترؤُّس، فيسقطُ مسحُ ما استرسل منه. دنوشري مع زيادة.

(وما بين الأذنين عَرْضًا) أي: ويغسلُ وجهَهُ من الأذنِ إلى الأذن، وهو حدُّه عَرْضًا؛ لأنَّ المواجهةَ تقعُ بذلك أيضًا، فيجبُ غسلُ ما بينهما من الرأس، وإنَّ البياضَ الذي بين العِذارِ والأذن من الوجه. نصَّ عليه شيخُ الإسلام الخرقيُّ رحمه الله تعالى، وعلَّلَهُ غيرُه بقولِه: لأنَّه يجبُ غسلُه في حقِّ غير الملتحي، فكذا غيرُه.

وحيث حدَّدنا الوجهَ بهذين الحدَّين، فيدخلُ في حدِّه عِذارٌ، فيجبُ غسلُه كاللِّحية، وقد عرَّفه الشارح.

ويدخل في حدِّ الوجه أيضًا عارضٌ: وهو ما تحتَ العِذار، وينتهي إلى ذَقَنٍ، فالعارضُ هو الشعرُ النابتُ على الخدِّ واللَّحيين، ويدخلُ أيضًا الحاجبان، وأهداب العينين، والشارب، والعنفقة، فيجبُ غسلُ ذلك جميعه ظاهرًا وباطنًا حيث كان خفيفًا، ولا يدخلُ في حدِّ الوجه صُدْغٌ، وقد عرَّفه الشارح، وهو من الرأس؛ لحديث: "مسحَ رسولُ الله


(١) "المصباح المنير" (عذر).
(٢) هو أبو القاسم، عمر بن الحسين الخِرَقي البغدادي، صاحب "المختصر" في الفقه، والخِرَقي: نسبة إلى بيع الخِرَق والثياب. (ت ٣٣٤ هـ). "طبقات الحنابلة" ٢/ ٧٥، "شذرات الذهب" ٤/ ١٨٦ - ١٨٧.