للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيرِ ريحٍ،

كالبول، أو لا كالمذي؛ لقوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ [المدثر: ٥] لأنَّه يَعم كل مكان ومحل مِن ثوبٍ وبدنٍ، ولقوله : "إذا ذَهبَ أحدُكم إلى الغائطِ، فليَذهب بثلاثةِ أحجارٍ، فإنَّها تُجزِئ عنه". رواه أبو داود (١)، والأمرُ للوجوبِ، وقال: "إنّها تُجزِئ" ولفظُ الإجزاءِ ظاهرٌ فيما يجب.

(غيرِ ريحٍ) لقوله : "مَنِ استنجَى مِن ريحٍ، فليس منَّا". رواه الطبراني في "معجمه الصَّغير" (٢). قال الإمامُ أحمدُ : ليس في الريحِ استنجاء في كتاب الله ولا في سُنة رسولِه. وهي طاهرة، فلا تنجَّس ماءً يسيرًا لاقَته.

الحجارةَ الماءَ، فإن رسولَ الله يفعلُه. رواه الإمام أحمد (٣) واحتج به، والأمر هنا للوجوب، وكلامُه شاملٌ للمعتَاد، كالبولِ والغائط، والنادر، كالدود والحصى، والطاهرِ والنجس، وهو ظاهرُ كلام الأصحاب، وظاهر "المحرر" أنه لا بجبُ في طاهر (٤)، كما سيأتي التنبيهُ عليه، كمني، ودواءٍ تحملَت به، إن قيل بطهارة فرجها. وقد استثنى المؤلفُ -رحمه اللهُ تعالى- من عمومِ هذا الوجوب ثلاثَ مسائل، لا يجبُ فيها استنجاءٌ ولا استجمارٌ، ذكرَ الأولى بقوله: (غير ريحٍ) باتفاق المذاهبِ الأربعة؛ وذلك (لقوله : "من استنجى إلخ") قال الإمامُ أحمد: ليس في الريحِ استنجاءٌ في كتابِ الله ولا سنة رسولِ الله ، ولأنَّ الاستنجاءَ والاستجمارَ إنَّما يجبُ لإزالةِ النجاسة.

(والرجز) أي: النجس (فاهجر) والهجرُ يحصل بالاستنجاءِ أو الاستجمار.

(وهي طاهرة فلا تُنجِّس ماءً يسيرًا) بملاقاتها على الصَّحيحِ من المذهب.


(١) في "سننه" (٤١) من حديث عائشة ، وتقدم.
(٢) لم نجده في "المعجم الصغير" للطبراني، وقد أخرجه ابن عدي في "الكامل" ٤/ ١٣٥٢، ومن طريقه السهمي في "تاريخ جرجان" ص ٣١٤، وابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" ٥٣/ ٤٩ عن جابر . وفي إسناده: شرقي بن قطامي، قال عنه ابن عدي: وليس لشرقي هذا من الحديث إلَّا قدر عشرة أو نحوه، وفي بعض ما رواه مناكير. اهـ.
(٣) سلف قريبًا.
(٤) عبارة "المحرر" ١/ ١٠: وهو واجبٌ لكل نجاسةٍ تخرج من سبيل.