قال: إن كانت الخُطبةُ بعدُ، فالإشارةُ إلى ما في الخارج غيرُ ظاهر، إلا أن يريدَ النقوشَ لا الألفاظَ ولا المعاني، ولا المركَّبَ من الثلاثة أو من اثنينِ منها؛ لأنَّنا إذا أرَدْنا النقوشَ وحدَها، صحَّت الإشارة لِما في الخارج؛ لأنَّ النُّقوشَ لها وجودٌ في الخارج، بخلاف الألفاظِ والمعاني والمركَّب؛ لأنَّه إذا كان بعضُ المشارِ إليه غيرَ موجودٍ في الخارج، لا يصحُّ كونُ الإشارة لِما في الخارج؛ لانعدام بعضِه إذا كانت النُّقوش بعضَ المركَّب، وأمَّا إذا كان التركيب من غير النقوشِ، فجميعُ المشار إليه غيرُ موجود، وحاصلُ الاحتمالاتِ الإشارةُ أنَّها للنُّقوش أو الألفاظ أو المعاني، أو الثلاثةِ، أو النُّقوشِ مع الألفاظ، أو مع المعاني، أو الألفاظِ مع المعاني.
فإنْ قلتَ: ما المانعُ من جَعْل الإشارةِ للألفاظ على سبيل المجازِ، باعتبار أنَّها وُجِدَتْ وانقضَتْ، فالإشارةُ إلى ما وُجِد وانقضى، وإن لم يَدُم وجودُه؟.
أجيب: بأنّه بعيدٌ؛ لأنَّ الأصلَ وجودُ المشارِ إليه حالَ الإشارة إليه، والذي انقضى إنَّما يعبَّر عنه بـ: كان كذا، وجَعلُ الإشارة لِما في الخارج باعتبار النُّقوش غيرُ مناسبٍ أيضًا؛ لأنَّ النُّقوشُ هنا غيرُ مقصودةٍ لذاتها، بل لأجل الألفاظ الدالَّةِ على المعاني، وإنَّما تُقصَد النُّقوشُ لذاتها في نحو تصويرٍ وتزويقٍ.
وأيضًا الحاضرُ عند المصنِّف وقتَ الإشارة خصوصُ النُّقوش التي كتَبها بيده -إنْ كان بصيرًا- أو كُتبت عنه -إنْ كان أعمى مثلًا- وليس المقصودُ بالتسمية بالمختصر وبالكتاب الفلاني، ولا الموصوفِ بالأوصاف التي تذكَر خصوصَ شخصِ تلك النُّقوشِ المذكورةِ، بل المرادُ تسميتُها وتسميةُ ما شاكَلَها من جميع ما نُقِلَ منها إلى يوم القيامة، وذلك ليس حاضرًا عند المصنِّف وقتَ الإشارة.
فإنْ قيل: إنَّ ما في الذهن مجملٌ، والمختصَر المشارُ إليه بهذه أمورٌ مفضَّلةٌ، فيفوتُ ما