للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهذا مختصرٌ

(فهذا) المؤلَّف الحاضرُ في الذهنِ (مختَصرٌ) قلَّ لفظُه، وكثُر معناه

الثاني بأنَّها زائدةٌ في شبهِ النفيِ وهو الشرطُ، وإمَّا ضميرٌ مستترٌ راجعٌ لاسم الشرط، و"مِنْ" لبيان الجنس، ويُشكِل عليه أنَّه لم يَجرِ على جنسٍ بعَيْنه، كذا قال الدماميني (١).

وأقول: المقصودُ من البيان هنا التعميمُ ودَفْعُ توهُّم إرادةِ نوع بعَيْنه، قاله شيخُنا الشريف الشَّوْبري. وقولُه: المقصودُ من البيان … إلخ فلا يُقال: الأصلُ في البيان كونه معيَّنًا مبيِّنًا لجنس معيَّن. ا هـ. شيخنا مَدَابغي (٢).

(فهذا … مختصر) الفاءُ رابطةٌ للجوابِ بالشرطِ، والهاء للتنبيه، و"ذا"، اسمُ إشارةٍ مبتدأٌ في محلِّ رفعٍ، و"مختصر" خبرٌ، وجملةُ "فهذا مختصر" من المبتدأ والخبرِ في محلِّ جزم جواب الشَّرطِ.

(المؤلَّفُ الحاضرُ في الذِّهن) فالإشارة إلى المصنَّفِ المرتَّب الحاضرِ في الذهن، وهو قوَّةٌ في النَّفْس معدَّةٌ لاكتساب المعاني، سواءٌ كان تصنيف الخطبة قبل أو بعدُ، إذ لا حضورَ للألفاظ المرتَّبة ولا لمعانيها في الخارج، فالإشارةُ ليست إلى محسوسٍ في الخارج ولو كان المؤلَّفُ وُضِع قبل الخُطبة؛ لأنَّ الألفاظ لا حضورَ ولا قرارَ لها في الخارج؛ لأنَّها عَرَضٌ وهو سيَّالٌ لا يبقى زمانين (٣)، وإذا كانت الألفاظُ لا قرار لها، فالمعاني أوْلى؛ لأنَّ الألفاظ هي الدَّوَالُّ على المعاني، فإذا ذهب اللفظُ ذهب بمَدْلوله، هذا على المختارِ من أسامي الكُتب وتراجِمها، عبارةٌ عن الألفاظ المخصوصة الدالَّة على معانٍ مخصوصةٍ، فقَوْلُ مَنْ


(١) في "شرحه على مغني اللبيب" ١/ ١٢٣.
(٢) لعله: حسن بن علي بن أحمد، المنطاوي، الشافعي، الأزهري، المَدَابغي، درَّس بالجامع الأزهر، وأفتى وألَّف وأجاد، وله: "حاشية على شرح الخطيب على متن أبي شجاع"، وثلاثة شروح على "الأجرومية"، وغيرها. (ت ١١٧٠ هـ)." تاريخ عجائب الآثار" للجبرتي ١/ ٢٩٧، و"الأعلام" ٢/ ٢٠٥.
(٣) ينظر "مجموع الفتاوى" ٦/ ٤١ و ١٢/ ٣١٨.