هو الواجبُ في التفصيل والإجمال من مطابقةِ المبتدأ للخبر؟.
أُجيب -بعد تسليم أنَّ المفضَّل لا يقوم بالأذهانِ-: بأنَّ هناك مضافًا محذوفًا، أي: مفصَّلُ هذا مختصرٌ، فالإشارةُ إلى تلك الألفاظ المجملةِ والإخبار عن ذلك المحذوف.
لا يُقال: الألفاظُ التي وقعت الإشارةُ إليها وأخبر عن مفصَّلِها بالمختصر ليست الَّا الموجودة في ذهن المصنِّف، فيلزم على هذا لا يُسمَّى "عمدة الطالب" إلا هذا المفصَّلُ المخصوصُ، بل المرادُ تسميةُ نوعِ هذا المفصَّل الموجودِ في أي ذهنٍ، وفي أي عبارةٍ، وفي أيِّ نقوشٍ، وليسَ غرضُ المصنفِ تسميةَ هذا الفردِ.
حاصلُ هذا الإشكالِ أنَّ المبتدأ أخصُّ من الخبرِ، والواجبُ أن يكونَ عينَه كما مرَّ؛ لأنَّا نقولُ: لا يلزمُ ذلكَ إلَّا بناءً على أنَّ مسمَّى الكتبِ من حيِّزِ عَلَمِ الشخصِ، وعليه فيُقدَّر مضاف أي نوع مفصلِ هذا. والمختارُ أنَّه من حيّزِ عَلَمِ الجنسِ، فلا حاجةَ إلى تقديرِ مضافٍ.
فإن قيل: اسمُ الإشارةِ موضوعٌ لِأَنْ يُشارَ به إلى مُشاهدٍ مَحسوسٍ، والمُؤلَّفُ الحاضرُ في الذهنِ معقولٌ؟.
وحاصلُ الجوابِ أنَّه نَزَّلَ المعقولَ منزلةَ المشاهدِ المحسوسِ، بأن شبَّه (١) الألفاظَ الذهنيَّة بأمرٍ مشاهدٍ محسوس؛ بجامعِ الحُضورِ وسهولةِ المأخذِ، واستُعير لها اسم المشبَّهِ به وهو كلمةُ "هذا"، ففي الكلامِ استعارةٌ تصريحيَّةٌ تحقيقيَّةٌ لتحققِ الألفاظِ ذهنًا، قلَّ لفظُه وكثُر معناهُ. في تفسيرِه هذا نظرٌ؛ لأنَّه تفسيرٌ للاختصارِ لا للمختَصرِ، بل الوجهُ حذفُه؛ للقطعِ بقلِّةِ معنى المختصرات كلفظهِ، بل هذا المختصرُ كذلك، وهو اسمُ مفعولٍ مشتقٌّ من الاختصارِ، وهو الإيجازُ والضمُّ. وقال القاضي حسين: مشتقٌّ من الخصرِ: وهو صورةُ الشيءِ