للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو الفضل محمد بن عُبَيْد الله البَلْعَميّ: سمعت الأمير إسماعيل بن أحمد يقول: كنت بسَمَرْقند، فجلست يومًا للمظالم، وجلس أخي إسحاق إلى جنبي، إذ دخل أبو عبد الله محمد بن نصر، فقمت له إجلالًا لعلمه، فلمّا خرج عاتبني أخي وقال: أنت والي خُراسان، تقوم لرجلٍ من الرَّعيّة! هذا ذَهاب السّياسة.

فَبِتُّ تلك اللّيلة وأنا مُنْقَسِمُ القلب، فرأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأخذ بعضُدي، فَقَالَ لي: ثَبتَ ملككَ وملك بنيك بإجلالك محمد بن نصر [١] .

وكان محمد بن نصر زوج خنة، بخاء مُعْجَمَةٍ ثمّ نُون، أخت يحيى بن أكثم القاضي.

تُوُفّي بسَمَرْقَنْد، في المحرَّم سنة أربعٍ وتسعين.

وقال أبو عبد الله بن مَنْدَه في مسألة الإيمان: صرَّح محمد بن نصر في كتاب «الإيمان» بأن الإيمان مخلوق، فإنّ الإقرار والشّهادة، وقراءة القرآن بلفْظه مخلوق. وهَجَرَه على ذلك علماء وقته، وخالَفَه أئمّة أهل خُراسان، والعراق.

قلت: لو أنّنا كلّما أخطأ إمام مجتهد في مسألةٍ خطًأ مغفورًا له هَجَرْناه وبدَّعناه، لَما سَلِمَ أحدٌ مِنَ الأئمّة، واللَّهُ الهادي للحقّ، والرّاحم للخلْق.

وقال ابن حزم في بعض تَوَاليفه: أعلم النّاس من كان أجمعهم للسُّنَن، وأضبطهم لها، وأذكرهم لمعانيها ولأحوال الصّحابة. ولا نعلم هذه الصّفة أتمّ منها في محمد بن نصر المَرْوَزِيّ، فلو قَالَ قائل: ليس لرسول صلى الله عليه وسلم حديث، ولا لأصحابه إلّا وهو عِنْد محمد بن نصر، لَما بَعُدَ عن الصّدْق.

٤٨٨- محمد بن نصر [٢] .

أبو جعفر البغداديّ المقرئ الصّائغ.


[١] زاد في تاريخ بغداد ٣/ ٣١٨: «ثم التفت إلى إسحاق، فقال: ذهب ملك إسحاق، وملك بنيه باستخفافه بمحمد بن نصر» .
[٢] انظر عن (محمد بن نصر الصائغ) في:
المعجم الصغير للطبراني ٢/ ١٤، وتاريخ بغداد ٣/ ٣١٨، ٣١٩ رقم ١٤١٧.