للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: الكتاب يتصفّح أكثر مما يتصفّح الخطاب؛ لأنّ الكاتب متخيّر، والمخاطب مضطرّ، ومن يرد عليه كتابك فليس يعلم أأسرعت فيه أم أبطأت؛ وإنما ينظر أأخطأت أم أصبت؛ فإبطاؤك غير قادح في إصابتك، كما إن إسراعك غير مغطّ على غلطك.

ووصف بعض الكتّاب النسخ فقال: ينبغى أن يصحبها الفكر إلى استقرارها، ثم تستبرأ بإعادة النظر فيها بعد اختيارها «١» ، ويوسّع بين سطورها، ثم تحرر على ثقة بصحتها، وتتأمل بعد التحرير حرفا حرفا إلى آخرها.

فقد كتب المأمون مصحفا اجتمع عليه؛ فكان أوله: بسم الله الرحيم، فأغفلوا الرحمن؛ لأنّ العين لا تعتبر ذلك؛ ثقة أنه لا يغلط فيه، حتى فطن المأمون له.

وقال محمد بن عبد الملك الزيات للحسن بن وهب: حرّر هذه النسخة وبكّر بها، فتصبّح الحسن «٢» فقال له: لم تصبّحت؟ قال: حتى تصفحت! وقال أحمد بن إسماعيل بطاحة: كان بعض العلماء الأغبياء ينظر في نسخه بعد نفوذ كتبه، فقال بعض الكتاب:

مستلب اللّب غوىّ الشباب ... عذّبه الهجر أشد العذاب

يؤمل الصبر وأنّى له ... به وقد مكّن منه التّصاب

كناظر في نسخة يبتغى ... إصلاحها بعد نفوذ الكتاب

[أوصاف بليغة في البلاغات على ألسنة أقوام من أهل الصناعات]

قال بعض من ولّد عقائل هذا المنثور، وألّف فواصل هذه الشذور: تجمّع

<<  <  ج: ص:  >  >>