للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوم من أهل الصناعات، فوصفوا بلاغاتهم، من طريق صناعاتهم «١» :

فقال الجوهرى: أحسن الكلام نظاما ما ثقبته يد الفكرة، ونظمته الفطنة، ووصل جوهر معانيه في سموط «٢» ألفاظه، فاحتملته نحور الرواة.

وقال العطار: أطيب الكلام ما عجن عنبر ألفاظه بمسك معانيه، ففاح نسيم نشقه، وسطعت رائحة عبقه، فتعلقت به الرّواة، وتعطّرت به السّراة.

وقال الصائغ: خير الكلام ما أحميته بكير الفكر «٣» ، وسبكته بمشاعل النّظر، وخلّصته من خبث الإطناب، فبرز بروز الإبريز «٤» ، فى معنى وجيز.

وقال الصيرفى «٥» : خير الكلام ما نقدته يد البصيرة، وجلته عين الرويّة، ووزنته بمعيار الفصاحة، فلا نظر يزيّفه «٦» ، ولا سماع يبهرجه «٧» وقال الحداد: أحسن الكلام ما نصبت عليه منفخة القريحة، وأشعلت عليه نار البصيرة، ثم أخرجته من فحم «٨» الإفحام، ورقّقته بفطّيس الإفهام «٩» .

وقال النجار: خير الكلام ما أحكمت نجر معناه بقدوم التقدير، ونشرته بمنشار التدبير، فصار بابا لبيت البيان، وعارضة لسقف اللسان.

وقال النجاد: أحسن الكلام ما لطفت رفارف ألفاظه «١٠» ، وحسنت مطارح

<<  <  ج: ص:  >  >>