وارتفاعه في الهواء ثلاثين ذراعا. وقال مقاتل: كان ثمانين في ثمانين. وقيل: كان طوله ثمانين ذراعا، وعرضه أربعين ذراعا وارتفاعه ثلاثين ذراعا.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان سليمان عليه السلام مهيبا، لا يبدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه، فرأى ذات يوم وهجا قريبا منه فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا عرش بلقيس. فقال: يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين؟ قال عفريت من الجن:
وكان سليمان يجلس في مجلس الحكم من الصباح إلى الظهر، وإني عليه أي على الإتيان به لقوي على حمله، أمين لا أختلس منه شيئا. قال الذي عنده علم من الكتاب، قال البغوي وغيره والأكثرون: على أنه آصف بن برخيا، وكان صديقا يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ
«٢» . قال سعيد بن جبير:
يعني من قبل أن يرجع إليك أقصى من تراه ومعناه أن يصل إليك من كان منك على مد بصرك.
وقال قتادة: قبل أن يأتيك الشخص من مد البصر.
وقال مجاهد: يعني إدامة النظر حتى يرتد الطرف خاسئا. وقال وهب: تمد عينيك فلا ينتهي طرفك إلى مداه حتى أمثله بين يديك. وقيل: إن الذي عنده علم من الكتاب اسمه اسطوم، وقيل هو جبريل، وقيل هو سليمان نفسه. قال له عالم من بني إسرائيل، قيل اسمه اسطوم، آتاه الله معرفة وفهما: أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك. قال سليمان: هات. قال: أنت النبي وابن النبي، وليس أحد أوجه عند الله منك. فإن دعوت الله وطلبت منه كان عندك. قال:
صدقت.
والعلم الذي أوتيه، قيل هو الاسم الأعظم. وفي الكلام حذف تقديره فدعا باسم الله الأعظم، وهو يا حي يا قيوم، يا إلهنا وإله كل شيء إلها واحدا، لا إله إلا أنت. وقيل: يا ذا الجلال والإكرام. قيل: شقت الأرض بالعرش فغار في الأرض، حتى نبع بين يدي سليمان. قاله الكلبي. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فبعث الله الملائكة، فحملوا السرير من تحت الأرض، يخدون الأرض خدّا، حتى انخرقت الأرض بالسرير بين يدي سليمان، وقيل: جيء به في الهواء، وكان بين سليمان والعرش مسيرة شهرين للمجد، فلما رآه مستقرا عنده، جعل يشكر نعمة الله تعالى، بعبارة فيها تعليم للناس، وعرضة للاقتباس، ثم قال: نكروا لها عرشها. أراد بالتنكير تجربة تمييزها ونظرها، وليزيد في الإغراب عليها.
وروت فرقة أن الجن، لما أحست من سليمان، أنه ربما يتزوج بلقيس، فتفشي له أخبار الجن، لأن أمها كانت جنية، وأنها ربما تلد ولدا، فينقل الملك إليه، فلا ينفكون من تسخير سليمان وولده من بعده، فأساؤوا الثناء عليها وظلموها عنده، ليزهدوه فيها، فقالوا: إنها غير عاقلة ولا مميزة وإن رجليها كحافر فرس، وقيل: كحافر حمار، وإنها شعراء الساقين. فجرب