للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له: خذ حذرك فإني قاتلك، فقال: والله ما أنصفتني يا أبا ثور أنا كما ترى أعزل أميل، فأنظرني حتى آخذ نبلي، فقلت: وما غناؤها عنك؟ قال:

أمتنع بها، قلت: خذها، قال: لا والله أو تعطيني من العهود ما يثلجني أنّك لا تروعني حتى آخذها، قال: فأثلجته فقال: وإلهي [١] قريش لا آخذها أبدا، فسلم والله وذهبت، فهذا أحيل الناس.

ثم مضيت حتى اشتمل عليّ الليل، فو الله إني لأسير في قمر زاهر، كالنور الظاهر، إذا بفتى على فرس يقود ظعينة وهو يقول: [الرمل المجزوء]

يا لدينا يا لدينا [٢] ... ليتنا يعدى علينا

ثم يبلى ما لدينا

ثم يخرج حنظلة من مخلاته فيرمي بها في السماء فلا تبلغ الأرض حتى ينتظمها بمشقص من نبله، فصحت به: خذ حذرك ثكلتك أمّك فاني قاتلك، فمال عن فرسه فإذا هو في الأرض، فقلت: إن هذا إلّا استخفاف، فدنوت منه فصحت به ويلك ما أجهلك، فما تحلحل ولا زال عن موضعه، فشككت بالرمح إهابه فإذا هو كأنه قد مات منذ سنة، فهذا أجبن الناس.

ثم مضيت فأصبحت من دكادك هرشى إلى غزال [٣] ، فنظرت إلى أبيات فعدلت إليها، فإذا فيها جوار ثلاث كأنهنّ نجوم الثريا، فبكين حين رأينني، فقلت: ما يبكيكن؟ فقلن: لما ابتلينا به منك، ومن ورائنا أخت لنا هي أجمل منا، فأشرفت من فدفد، فإذا بامرىء لم أر قطّ أحسن من وجهه، وهو غلام يخصف نعله، عليه ذؤابة يسحبها، فلما نظر إليّ وثب على الفرس مبادرا، ثم ركض فسبقني إلى البيوت، فوجدهن قد ارتعن، فسمعته يقول:

[من الرجز]


[١] الأغاني واللباب: وإله.
[٢] اللباب: يا لبينا يا لبينا.
[٣] غزال: ثنية قريبة من هرشى، تعرف بقرن غزال.

<<  <  ج: ص:  >  >>