للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهلا نسيّاتي لا تروّعن ... إن يمنع اليوم نساء تمنعن

أرخين أذيال المروط وأرتعن

فلما دنوت منه قال: أتطردني أم أطردك؟ فركض وركضت في أثره، حتى إذا أمكنت السنان من لفتته- واللفتة أسفل من الكتف- اتكأت عليه فإذا هو والله مع لبب فرسه، ثم استوى في سرجه فقلت: أقلني، قال: اطرد، فتبعته حتى إذا ظننت أن السنان بين ناغضتيه [١] اعتمدت عليه، فإذا هو والله قائم على الأرض والسنان زالج، ثم استوى على فرسه فقلت: أقلني، قال:

اطرد فطردته حتى إذا أمكنت السنان من متنه اتكأت عليه وأنا أظنّ أن قد فرغت منه، فمال في سرجه حتى نظرت إلى يديه في الأرض ومضى السنان زالجا، ثم قال: بعد ثلاث تريد ماذا؟ اطردني ثكلتك أمك، فوليت وانا مرعوب [٢] منه، فلما غشيني ووجدت مسّ السنان التفتّ فإذا هو يطردني بالرمح بلا سنان، فكفّ عني واستنزلني فنزلت، فجز والله ناصيتي وقال: انطلق فأنا أنفس بك عن القتل، فكان ذاك والله يا أمير المؤمنين عندي أشدّ من الموت، فذاك أشجع من رأيت، وسألت عن الفتى فقيل ربيعة بن مكدّم الفراسي من بني كنانة.

«١١٣٦» - وكان عمرو بن معدي كرب موصوفا بالأيد والشدة عظيم الخلقة، جاء إليه رجل وهو واقف بالكناسة على فرس له وقد أسنّ، فقال:

لأنظرنّ ما بقي من قوة أبي ثور، فأدخل يده بين ساقه وبين السرج، وفطن له عمرو فضمّها عليه وحرك فرسه، فجعل الرجل يعدو مع الفرس لا يقدر أن ينزع يده، حتى إذا بلغ منه قال: يا ابن أخي مالك؟ قال: يدي تحت ساقك، فخلّى عنه وقال: يا ابن أخي إن في عمك لبقية بعد.


[١] الناغضة: أصل العنق.
[٢] م: فوليت مرعوبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>