وان اليد تمتدّ إليّ فيها الحناء، وربما كان فيها الخاتم الذهب [١] ، وربما كان الدستينج والسوار الذهب، فأعطي أو أردّ؟ فأطرق طويلا ثم رفع رأسه وقال: كلّ يد امتدّت إليك فلا تردها.
«٩١٧» - كان بشر بن غالب الأسدي سخيا مطعاما، وكانت له موائد يغشاها إخوانه، ثم إنّ الدهر نبا به وضاقت ذات يده، فاختفى في منزله استحياء من الناس، وأظهر أنه غائب، وكانت له مولاة تقوم بحوائجه وتقيم له مروءته بالقرض والفرض وبيع الشيء بعد الشيء، حتى جاءته يوما فقالت: يا مولاي، قد والله أعيت الحيلة وما أجد اليوم مضطربا، فإن أذنت لي احتلت لك، قال: على أن لا تذكريني لأحد، قالت لا، فأتت عكرمة بن ربعيّ الفياض، فدخلت عليه فقالت له: هل لك في عورة كريم تسترها وخلّة تسدها؟ قال: ومن هو؟ قالت: قد أمرني أن لا أذكره، فدعا بثلاثمائة درهم فدفعها إليها، ثم قال لمولاة له ذات ظرف وعقل: اتبعي هذه المرأة فانظري أين تدخل، فرجعت إليه فأخبرته أنها دخلت دار بشر بن غالب، فقال لوكيله: هيّء أربعمائة دينار في كيس، فلما كان في بعض الليل أخذ عكرمة الكيس وجاء إلى باب بشر بن غالب فقرع الباب، فقيل له إنه غائب، فقال: أخبروه أني مستغيث يستغيث به، فخرج إليه في ظلمة الليل فرمى الكيس وركض البغلة منصرفا، فناداه بشر: أنشدك الله من أنت؟ قال: أنا جابر عثرات الكرام، قال: فلما رجع بشر إلى منزله دعا مولاته فقال: أخبريني من أتيت اليوم في حاجتك، قالت: عكرمة بن ربعي، فلم يك إلا أيام يسيرة حتى قدم بشر بن مروان الكوفة، فأرسل إلى بشر بن غالب فولّاه الشرطة، وقلّده سيفا، فقال: أيها الأمير، إنّ الشرطة لحوائج الناس وشفاعاتهم،