للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسومني المأمون خطّة عاجز ... أو ما رأى بالأمس راس محمد

يوفي على هام الخلائق مثل ما ... توفي الجبال على رؤوس القردد

لا تحسبن جهلي كحلم أبي فما ... حلم المشايخ مثل جهل الأمرد

إني من القوم الذين سيوفهم ... قتلت أخاك وشرّفتك بمقعد

شادوا بذكرك بعد طول خموله ... واستنقذوك من الحضيض الأوهد

قال: فو الله ما كافأه وما كافأ أبي بما أسدى إليه، وذلك أنه لما توفي أبي أنشأ يقول [١] : [من الوافر]

وأبقى طاهر فينا خلالا ... عجائب تستخفّ لها الحلوم

ثلاثة إخوة لأب وأمّ ... تمايز عن ثلاثتهم أروم

فبعضهم يقول قريش قومي ... ويدفعه الموالي والصميم

وبعض في خزاعة منتماه ... ولاء غير مجهول قديم

وبعضهم يهشّ لآل كسرى ... ويزعم أنه علج لئيم

لقد كثرت مناسبهم علينا ... وكلّهم على حال مليم [٢]

قال: فهذه الثالثة يا صيني.

وأما الرابعة فإنه لما استخلف المعتصم دخل إليه دعبل ذات يوم فأنشده فقال:

أحسنت والله يا دعبل، فسلني ما أحببت. قال: مائة بدرة قال: نعم، تمهلني مائة سنة وتضمن لي أجلي معها. قال: قد أمهلتك ما شئت؛ وخرج مغضبا فلقي خصيّا للمعتصم قد كان عوّده أن يدخل إليه مدائحه ويجعل له شيئا من الجائزة فقال: ويحك إني كنت عند أمير المؤمنين وأغفلت حاجة لي أن أذكرها له، أفأذكرها في أبيات وتدخلها إليه؟ قال: ولي نصف الجائزة؟ فماكسه ساعة ثم


[١] ديوان دعبل: ١٤٨ والأغاني ٢٠: ١١٢.
[٢] ب: لئيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>