للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب أبي إليه فتحمل إليه، وكان واثقا بناحيته، وأقرأه كتاب المأمون، وأجازه بالكثير، وحمله إلى المأمون، وثبت المأمون في الخلافة، وأقبل يجمع الآثار في فضائل آل الرسول، قال: فتناهى إليه فيما تناهى من فضائلهم قول دعبل [١] :

[من الطويل]

مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات

لآل رسول الله بالخيف من منى ... وبالركن والتعريف والجمرات

قال: فما زالت تتردد في صدر المأمون حتى قدم عليه دعبل، فقال له: أنشدني ولا بأس عليك، ولك الأمان من كل شيء فيها، فإني أعرفها وقد رويتها إلا أني أحبّ أن أسمعها من فيك، قال: فأنشده حتى إذا صار إلى هذا الموضع:

ألم تر أني مذ ثلاثون حجّة ... أروح وأغدو دائم الحسرات

أرى فيئهم في غيرهم متقسّما ... وأيديهم من فيئهم صفرات

فآل رسول الله نحف جسومهم ... وآل زياد غلّظ القصرات

بنات زياد في الخدور مصونة ... وبيت رسول الله في الفلوات

إذا وتروا مدّوا إلى واتريهم ... أكفّا عن الأوتار منقبضات

فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد ... تقطّع قلبي إثرهم حسرات

قال: فبكى المأمون حتى جرت دموعه على نحره، وكان أول داخل إليه وآخر خارج من عنده [٢] .

فو الله إن شعرنا بشيء إلا وقد عتب على المأمون فأرسل إليه بشعر يقول فيه [٣] :

[من الكامل]


[١] الشعر في ديوان دعبل: ٣٦- ٤٣ وزهر الآداب: ٩٣.
[٢] إلى هنا ينتهي السياق في الأغاني.
[٣] ديوان دعبل: ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>