توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ارتدّت العرب ومنعت شاتها وبعيرها، فاجتمع رأينا كلّنا أصحاب محمد أن قلنا: يا خليفة رسول الله إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقاتل العرب بالوحي والملائكة يمدّه الله تعالى بهم، وقد انقطع ذلك اليوم، فالزم بيتك ومسجدك فإنه لا طاقة لك بالعرب، فقال أبو بكر: أوكلّكم رأيه هذا؟
فقلنا: نعم فقال: والله لأن أخرّ من السماء فتخطّفني الطير أحبّ إليّ من أن يكون «١» هذا رأيي.
ثمّ صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه وكبّره وصلّى على النبيّ عليه السلام، ثمّ أقبل على الناس فقال: أيها الناس من كان يعبد محمدا فإنّ محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله تعالى فإنّ الله حيّ لا يموت، أيها الناس إن كثر اعداؤكم وقلّ عددكم ركب الشيطان منكم هذا المركب؟! والله ليظهرنّ هذا الدين على الأديان كلّها ولو كره المشركون، وقوله الحقّ ووعده الصدق: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ، وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ
(البقرة: ٢٤٩) ، أيها الناس، لو أفردت من جمعكم لجاهدتهم في الله حقّ جهاده حتى أبلغ من نفسي عذرا أو أقتل مقبلا، والله أيها الناس لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه، واستعنت بالله خير معين. ثم نزل فجاهد في الله حقّ جهاده، حتّى أذعنت العرب بالحقّ.
وهذا الخبر يدلّ على قوّة اليقين والإيمان والتشمير في ذات الله عزّ وجلّ على ما يوجب له التقديم والتسليم.
[٢٤٨]- ومن كلامه «٢» في خطبته يوم الجمعة: الوحى الوحى النجاء