للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقوف عليه منها، ومن كتاب اللَّه-عز وجل-ومعانيه" (١)

المسألة الثامنة: أمثلة لما وقع من القياس الفاسد من جهة الاشتراك في الألفاظ.

المثال الأول: قول الاتحادية.

قال المصنف: "وقد وقع بنو آدم في عامة ما يتناوله هذا الكلام من أنواع الضلالات، حتى آل الأمر بمن يدعي التحقيق والتوحيد والعرفان منهم إلى أن اشتبه عليهم وجود الرب بوجود كل موجود فظنوا أنه هو، فجعلوا وجود المخلوقات عين وجود الخالق، مع أنه لا شيء أبعد عن مماثلة شيء، أو أن يكون إياه، أو متحدًا به، أو حالا فيه من الخالق مع المخلوق. فمن اشتبه عليهم وجود الخالق بوجود المخلوقات- حتى ظنوا وجودها وجوده- فهم أعظم الناس ضلالا من جهة الاشتباه، وذلك أن الموجودات تشترك في مسمى «الوجود» فرأوا الوجود واحدًا، ولم يفرقوا بين الواحد بالعين والواحد بالنوع".

الاتحادية الذين يقولون: إن وجود الخالق هو وجود الخلق هو من أتباع ابن عربي صاحب فصوص الحكم وصاحب الفتوحات المكية، وخلاصة هؤلاء الاتحادية يجمعون بين النفي العام والإثبات العام فعندهم أن ذاته لا يمكن أن ترى بحال وليس له اسم ولا صفة ولا نعت، إذ هو الوجود المطلق الذي لا يتعين، وهو من هذه الجهة لا يرى ولا اسم له.

ويقولون: إنه يظهر في الصور كلها، وهذا عندهم هو الوجود الاسمي لا الذاتي، ومن هذه الجهة فهو يرى في كل شيء، ويتجلى في كل موجود، لكنه لا يمكن أن ترى نفسه، بل تارة يقولون كما يقول ابن عربي: ترى الأشياء فيه، وتارة يقولون يرى هو في الأشياء وهو تجليه في الصور، وتارة يقولون كما يقول ابن سبعين:


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين ١/ ٥٤ - ٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>