للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"عين ما ترى ذات لا ترى وذات لا ترى عين ما ترى".

وهم مضطربون لأن ما جعلوه هو الذات عدم محض، إذ المطلق لا وجود له في الخارج مطلقاً بلا ريب، لم يبق إلا ما سموه مظاهر ومجالي، فيكون الخالق عين المخلوقات لا سواها، وهم معترفون بالحيرة والتناقض مع ما هم فيه من التعطيل والجحود. (١)

وفي هذا يقول ابن عربي:

فإن قلت بالتنزيه كنت مقيداً … وإن قلت بالتشبيه كنت محدداً

وإن قلت بالأمرين كنت مسدداً … وكنت إماماً في المعارف سيداً

فمن قال بالإشفاع كان مشركاً … ومن قال بالإفراد كان موحداً

فإياك والتشبيه إن كنت ثانياً … وإياك والتنزيه إن كنت مفرداً

فما أنت هو بل أنت هو وتراه … في عين الأمور مسرحا ومقيداً (٢)

المثال الثاني: قول المعتزلة ومن وافقهم.

قال المصنف: "وآخرون توهموا أنه إذا قيل: الموجودات تشترك في مسمى «الوجود»، لزم التشبيه والتركيب، فقالوا: لفظ «الوجود» مقول بالاشتراك اللفظي، فخالفوا ما اتفق عليه العقلاء مع اختلاف أصنافهم، من أن الوجود ينقسم إلى قديم ومحدث، ونحو ذلك من أقسام الموجودات.

وهذا قول المعتزلة ومن وافقهم، وهؤلاء هم نفاة جميع الصفات الذين أخذوا يقولون: إثبات الصفات يقتضي التركيب والتجسيم، إما لكون الصفة لا تقوم إلا بجسم في اصطلاحهم، والجسم مركب في اصطلاحهم، وإما لأن إثبات العلم والقدرة


(١) -بغية المرتاد ص ٤٧٣.
(٢) -بغية المرتاد ص ٥٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>